للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبركة: هي الزيادةُ والنماءُ والكثرةُ والاتساعُ (١)؛ أي: تحصل البركة لكل واحد من المتبايعين، والنماء والزيادة بما آل إليه، وقبضه مع الصدق والبيان (وإن كتما)؛ أي: كتم كل واحد منهما ما في الذي دفعه لصاحبه من عيب، (وكَذَبا)؛ أي: كذب كل واحد منهما في قدر الثمن والمثمَّن الذي في الإخبار بذلك، (مُحقتْ بركةُ بيعِهما) المحق: النقص والمحو والإبطال (٢)، وفي الحديث: "الحَلِفُ مَنْفَقَة للسلعةِ، مَمْحَقَة للبركةِ" (٣)، وفي الحديث: "ما محقَ الإسلامَ شيءٌ ما محقَ الشحُّ" (٤)، فيحتمل أن يكون معنى هذا الحديث على ظاهره، وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد لمحق بركته، وإن كان الصادق مأجورًا والكاذب مأزورًا، ويحتمل أن يكون ذلك مختصًا بمن وقع منه التدليس والعيب دون الآخر، ورجَّحه ابن أبي جمرة.

وفي الحديث: فضلُ الصدق، والحت عليه، وذمُّ الكذب، والحثُّ على اجتنابه، وأنه سبب لذهاب البركة، وأن عمل الآخرة يحصِّل خير الدنيا والآخرة بملازمة الصدق واتباعه (٥).


(١) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٧١).
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ٣٠٣).
(٣) رواه البخاري (١٩٨١)، كتاب: البيوع، باب: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٦]، ومسلم (١٦٠٦)، كتاب: المساقاة، باب: النهي عن الحلف في البيع، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) رواه أبو يعلى في "مسنده" (٣٤٨٨)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٥/ ٢٠٢)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٣/ ١٧٥)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>