للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا شراء على شراء مسلم، كقوله لبائع شيئًا بتسعة: عندي فيه عشرة، زمن الخيارين، يعني: خيار الشرط، وخيار المجلس، ليفسخ البيع، ويعقد معه؛ لأن الشراء في معنى البيع، ولأن الشراء يسمى بيعًا، وذلك لما فيهما من الإضرار بالمسلم، والإفساد عليه.

وكذا يحرم سومٌ على سوم المسلم مع الرضا من البائع صريحًا (١)، لما روى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَسُمِ الرجلُ على سَوْم أخيه" (٢)، وأما السوم على السوم، مع عدم رضا البائع، لا يحرم، لما روى أنس - رضي الله عنه -: أنَّ رجلًا من الأنصار شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الشدة والجهد، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما بقيَ لك شيء؟ "، قال: بلى، قَدَح وحِلْس، قال: "فأتني بهما"، فأتاه بهما، فقال: "من يبتاعهما منه؟ " رواه الترمذي، وحسَّنه (٣).

وهذا إجماع، فإنَّ المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة (٤)، ولا يحرم بيع ولا شراء ولا سوم بعد ردّ السلعة المبتاعة، أو ردّ السائم في مسألة السوم؛ لأن العقد أو الرضا بعد الرد غير موجود، ولا يحرم بذل بأكثرَ مما اشترى، كأن يقول لمن اشترى شيئا بعشرة:


(١) انظر: "دليل الطالب" للشيخ مرعي (ص: ١٠٧).
(٢) رواه مسلم (١٤١٣)، كتاب: النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك.
(٣) رواه الترمذي (١٢١٨)، كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع مَنْ يزيد، بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع حلسًا وقدحًا، وقال: "من يشتري هذا الحلس والقدح؟ " فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يزيد على درهم، من يزيد على درهم؟ "، فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه.
(٤) انظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>