للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ثمن معه إلا الرطب، فقال أبو بكر والمجد بجوازه، وهو بطريق التنبيه بالشيء على ما هو أولى منه؛ لأنه إذا جاز مخالفة الأصل لحاجة التفكه، فلحاجة الاقتيات أولى، إذ القياس على الرخصة جائز إذا فهمت العلة (١).

وظاهر الحديث: أنه يعطي المشتري البائعَ من التمر مثلَ ما يؤول ما في النخل عند الجفاف، ارتكابًا لأخفِّ المفسدتين، وهو الجهلُ بالتساوي دون أعظمِهما، وهو العلم بالتفاضل، وهو مذهب الإمام أحمدَ، والشافعي.

ويشترط الحلولُ -وتقابضُهما- أي: المتعاقدين -بمجلس العقد؛ لأنه بيع تمر بتمر، فاعتبر فيه شروطه، إلا ما استثناه الشارع مما لم يمكن اعتباره في بيع العرايا، والقبض في حقِّ كل واحد منهما بَحَسَبِهِ، ففي نخلٍ بتخليةٍ بينه وبينه، وفي تمرٍ بكيل.

وليس من شرطه حضور التمر عند النخل، فلو تبايعا، وسلَّم أحدهما ثم مشى، ولم يتفرَّقا، فسلَّم الآخر، صحَّ؛ لأن التفرُّقَ لم يحصل قبل القبض (٢).

تنبيهات:

* الأول: أجاز بيعَ العرايا: مالكٌ، والشافعي، وأحمد، للأحاديث الصحيحة الصريحة بذلك، ومنع منه أبو حنيفة مطلقًا.

ثم اختلف القائلون بصحة بيع العرايا في صفتها المباحة، وقدرها، وسيأتي تحرير قدرها في الحديث التالي، فصفةُ بيع العرايا الصحيح عند مالك: أن يكون قد وهب رجلٌ لآخر ثمرَ نخلة أو نخلات من حائطه، وشقَّ على الواهب دخولُ الموهوب له إلى حديقته، فإذا بدا صلاحها،


(١) انظر: "المبدع" لابن مفلح (٤/ ١٤٢).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>