للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخ النكاح، وإنما فيه التغليظ على المرأة أن تسأل طلاق الأخرى، مع أن فقهاءنا صرَّحوا بأن الزوج إذا شرط لمخطوبته طلاق زوجته بأن ذلك شرط صحيح لازم للزوج، بمعنى: ثبوت الخيار لها بعدمه، ولا يجب الوفاء به، بل يندب، فإن لم يفعل، فلها الفسخ، لا بعزمه، وهو على التراخي لا يسقط إلا بما يدل على الرضا من قول أو تمكين منها مع العلم، وهذا محل مطابقة الحديث للترجمة.

قال الإمام النووي: معنى هذا الحديث: نهي المرأة الأجنبية أن تسأل رجلًا طلاقَ زوجته، وأن يتزوجَها هي، فيصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما للمطلقة.

قال: والمراد بأختها: غيرها، سواء كانت أختًا في النسب، أو الرضاع، أو الدين، ويلحق بذلك الكافرة في الحكم (١)، وإن لم تكن أختًا في الدين، إما لأن المراد الغالب، أو أنها أختها في الجنس الآدمي.

وحمل ابنُ عبدِ البرِّ الأخت هنا على الضَّرَّةِ (٢)، وهذا ممكن في الرواية التي وقعت بلفظ: "لا تسأل المرأة طلاق أختها". وأما الرواية التي فيها لفظ الشرط، فظاهرها أنها في الأجنبية، ويؤيده قوله فيها: "ولتنكح، فإنَّما لها ما قُدِّر لها" (٣)؛ أي: ولتتزوج الزوجَ المذكور من غير أن تشترط أن يطلق التي قبلها، وعلى هذا، فالمراد بالأخت هنا: الأخت في الدين، ويؤيده زيادة ابن حبان في آخره: "فإنَ المسلمةَ أختُ المسلمة" (٤).


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٩٣).
(٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٨/ ١٦٥).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٤٠٧٠)، وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>