للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: لا بد من كون المبيع شِقْصًا مشاعًا مع شريك -ولو مكاتبًا- من عقار ينقسم قسمة إجبار، فأما المقسوم المحدود، فلا شفعة فيه -كما يأتي-، فلا تجب الشفعة فيما لا تجب قسمته، كحمام صغير، وبئر، وطريق، وعراص ضيقة (١).

وقال أبو حنيفة: تثبت فيه الشفعة.

وحجة الجمهور: قوله -عليه السلام-: "إنما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم. . . . إلخ".

وهذه الصيغة في النفي تشعر بقبول القسمة، فيقال للبصير: لم تبصر كذا، ويقال للأكمه: لا تبصر كذا، وإن استعمل أحد الأمرين في الآخر، وذلك للاحتمال، فعلى هذا يكون في قوله: "فيما لم يقسم" إشعار بأنه قابل للقسمة، فإذا دخلت "إنما" المفيدة للحصر، اقتضت انحصار الشفعة في القابل، ذكره ابن دقيق العيد (٢).

ولِما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "لا شفعة في فناء، ولا طريق، ولا منقبة"، والمنقبة: الطريق الضيق بين دارين لا يمكن أن يسلكه أحد، ذكره أبو الخطاب في "رؤوس المسائل"، وأبو عبيد في "الغريب" (٣).

وروي عن عثمان - رضي الله عنه -: أنه قال: لا شفعة في بئر، ونخل (٤).


(١) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٦١٠).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٣) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٣/ ١٢١).
(٤) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٧١٧)، ومن طريقه: عبد الرزاق في "المصنف" (١٤٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>