للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، تدل على التحرُّز والتحصُّن والالتجاء، وحقيقة معناها: الهروبُ من شيء تخافه إلى من يعصمك منه، ولهذا سمي المستعاذ به: مَعاذاً، كما يسمى: مَلْجأ، وفي الحديث: لما دخل - عليه الصلاة والسلام - على ابنة الجون، فوضع يده عليها، قالت: أعوذ بالله منك، قال: "لقد عُذْتِ بِمَعاذٍ، الحقي بأهلِكِ" (١).

فمعنى "أعوذ": ألتجىء وأعتصم وأتحرز. وفي أصله قولان:

أحدهما: أنه مأخوذٌ من الستر.

والثاني: من لزوم المجاورة.

فمن قال بالأول: استدل بأن العرب تقول للبيت الذي في أصل الشجرة، الذي قد استتر بها: عُوَّذ -بضم العين وتشديد الواو مفتوحة-، فكأنه لما عاذ بالشجرة، واستتر بأصلها وظلها، سمي عوذاً، فكذا - العائذ - قد استتر من عدوه بمن استعاذ به.

ومن قال بالثاني: استدل بأن العرب تقول للحم إذا لصق بالعظم فلم يتخلص منه: عوذ؛ لأنه اعتصم به واستمسك، فكذا العائذ قد استمسك بالمعاذ به، واعتصم به، ولزمه (٢).

(بك) يا ألله لا بغيرك، وأجرى عليه ضمير الخطاب؛ لاستشعار قربه منه، وأنه معه بعلمه وحفظه له - جلَّ شأنه -.

(من الخُبُثِ والخبائِثِ).


(١) رواه البخاري (٤٩٥٦)، كتاب: الطلاق، باب: من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، عن أبي أسيد - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٢/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>