للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما شاءتا، وأما الحكم، فذكر عنه شعبة: أن المتوفى عنها زوجُها لا تُحِدّ.

قال أبو محمَّد بن حزم: واحتج أهل هذه المقالة بحديث عبد الله بن شداد بن الهاد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأةِ جعفرِ بنِ أبي طالب: "إذا كان ثلاثة أيام، فالبسي ما شئتِ"، [أو] إذا كان بعد ثلاثة أيام، شك شعبة (١)، وفي طريقٍ آخر عن عبد الله بن شداد المذكور: أن أسماء بنتَ عُميس استأذنت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن تبكي على جعفر، وهي امرأته، فأذن لها ثلاثة أيام، ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام: أن "تَطَهَّري واكتحلي" (٢)، قالوا: وهذا ناسخ لأحاديث الإحداد.

وأجاب الجمهور: بأن هذا الحديث منقطع، فإن عبد الله بن شداد بن الهاد لم يسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا رآه، فكيف يقدَّم حديثه على الأحاديث الصحيحة المسنَدة الصريحة التي لا مطعن فيها؟

وفي الطريق الثاني الحجاجُ بن أرطاة، ولا يعارض حديثه حديثَ الأئمة الأثبات الذين هم فرسان هذا الشأن (٣).

(لامرأةٍ) متعلق بـ: (لا يحل)، وقد تمسك بمفهومه الحنفية، فقالوا: لا يجب الإحداد على الصغيرة، وذهب الجمهور إلى وجوب الإحداد [عليها] (٤) كما تجب العدة، وأجابوا عن التقييد بالمرأة: أنه خرج مخرج الغالب، وعن كونها غير مكلفة: بأن الولي هو المخاطَب بمنعها مما تمنع منه المعتدّة (٥).


(١) رواه ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ٢٨٠).
(٢) رواه ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ٢٨٠).
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٦٩٦ - ٦٩٧).
(٤) [عليها] ساقطة من "ب".
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>