للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: نفي الأول لنفي الثاني؛ لأن الأول ملزومٌ والثاني لازمٌ، والملزوم يعدم عند عدم لازمه.

والثاني: تَحَقُّقُ الثاني لتحقق الأول؛ لأن تحقق الملزوم يستلزم تحققَ لازمه "لو لم تذنبوا إلخ" مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشق على أمتي"، فمخافةُ وجود المشقة متحققةٌ، فتحقق لازمه، وهو عدُم أمرِ الإيجاب للسواك، وأطالَ الكلام على ذلك - رحمه الله تعالى - (١).

واستدل بعض الأصوليين بهذا على أن الأمر للوجوب؛ لأن كلمة "لولا" تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره، فيدل على انتفاء الأمر لوجود المشقة، والمنتفي لأجل المشقة إنما هو الوجوب، وأما الاستحباب، فثابتٌ عند كل صلاةٍ، فيقتضي ذلك أن الأمر للوجوب (٢).

قال بعض أهل العلم من الأصولين -أيضاً-: في هذا الحديث دليلٌ على أن الاستدعاء على جهةِ الندب ليس بأمر حقيقة؛ لأن السواك مندوبٌ عند كل صلاةٍ من الفرائض والنوافل (٣).

قال الشافعي: وفيه دليلٌ على عدم وجوب السواك؛ لأنه لو كان واجباً، لأمرهم به، شق عليهم، أو لم يشق، انتهى (٤).

وفي روايةٍ عند النسائي: "لفرضْتُ عليهم" (٥) بدل "لأمرتُهم".


(١) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (١/ ٥٩ - ٦٠).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٦٠).
(٣) ذكره أبو إسحاق الشيرازي في "اللُّمع" (ص: ١٣)، ونقله عنه ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٣٧٥).
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١/ ٢٣).
(٥) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٣٠٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>