للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ظهر بعضُه من بطن أمه، ولم يخرج باقيه، ففيه الغرة، وبه قال الشافعي.

وقال مالك، وابن المنذر: لا تجب الغرة حتى تلقيه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أوجبها في الجنين الذي ألقته المرأة، وهذه لم تلق شيئًا، أشبهَ ما لو لم يظهر منه شيء.

ولنا: أنه قاتل لجنينها، فلزمته الغرة كما لو ظهر جميعه، ويفارق ما لو لم يظهر منه شيء، فإنه لم يتيقن قتلُه ولا وجوده، وكذا الحكم إن ألقت يدًا أو رجلًا أو رأسًا أو جزءًا من أجزاء الآدمي؛ لأنا تيقنا أنه من جنين، وإن ألقت رأسين ونحوهما، لم يجب أكثرُ من غرة، لجواز كونهما من جنين واحد، فلم تجب الزيادة مع وجود الاحتمال؛ لأن الأصل براءة الذمة، فإن أسقطت ما ليس فيه صورة آدمي، فلا شيء فيه؛ لأنه لا يعلم أنه جنين، وإن ألقت مضغة، فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية، ففيه غرة، وإن شهدت أنه مبدأ خلق إنسان لو بقي تصور، فلا شيء فيه، على الأصح (١).

قلت: ومعتمد المذهب: يقبل قول ثقة واحدة -كما مر-.

تنبيهان:

الأول: معتمد المذهب: كونُ الغرة عبدًا أو أَمَةً، وهو قول أكثر أهل العلم.

وقال عروة، وطاوس، ومجاهد: عبد أو أمة أو فرس؛ لأن الغرة اسم لذلك، وقد جاء في حديث أبي هريرة، قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٩/ ٥٣٠ - ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>