للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تقطع إلا في عشرة دراهم، وما قيمته ذلك (١).

والصحيح ما عليه الإمام مالك، والإمام أحمد، وإسحاق، وغيرهم، ففي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد سارق سرق ترسًا من صُفَّة النساء قيمتُه ثلاثة دراهم، رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي (٢)، فهذا يدل على أن كل واحد من النقدين أصل؛ لأن ثمن المجن قُوِّمَ تارة بربع دينار؛ كما في حديث عائشة عند النَّسائيُّ (٣)، وتارة بثلاثة دراهم؛ كما في حديث ابن عمر هذا، فلو كانت الدراهم هي الأصل، لاختص التقويم بها دون الذهب.

قال في "شرح المحرر": والرواية الثانية: أن الدراهم هي الأصل؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: كان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم، والدينار اثني عشر درهمًا (٤)، فيدل على أحد شيئين: إما على أنه لا يريد بربع الدينار الذهب، وإنما يريد الدينار المصطلح عليه، وهو اثنا عشر درهمًا، وإما على أن قيمة الدينار كانت يومئذ كذلك، فعلى هذا تُقوم العروضُ به دون الذهب، ويبقى الذهب على أصله في القيمة بتقويم الشرع، الدينار باثني عشر درهمًا، لأن الدرهم أعم وجودًا، وأسهل في


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٨٢).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٤٥)، وأبو داود (٤٣٨٦)، كتاب: الحدود، باب: ما يقطع فيه السارق، والنسائي (٤٩٠٩)، كتاب: قطع السارق، باب: القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده.
(٣) رواه النَّسائيُّ (٤٩٣١)، كتاب: قطع السارق، باب: ذكر اختلاف أبي بكر بن محمد وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة في هذا الحديث.
(٤) تقدم تخريجه قريبًا عند الإمام أحمد والشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>