للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في "النهاية": وقد تكرر في أحاديثه ذكر النهي عنه، وهو تأكيد لأمره، وتحذير عن التهاون بعد إيجابه، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يُفعل، لكان في ذلك إبطالُ حكمه، وإسقاطُ لزوم الوفاء به؛ إذ كان بالنهي يصير معصية، فلا يلزم، وإنما وجه ذلك: أنه قد أعلمهم أن ذلك أمر لا يجرُّ لهم في العاجل نفعًا، ولا يصرف عنهم ضرًا، ولا يردُّ قضاء (١)، (و) لذلك (قال: إنه)؛ أي: النذر (لا يأتي بخير)، ولا يرد من القدر شيئًا، (وإنما يُستخرج به)؛ أي: النذرِ (من البخيل)؛ فإن من عادة الناس تعليقَ المنذور على حصول المنافع ودفع المضار، فنهى - صلى الله عليه وسلم - عنه؛ لأنه من فعل البخلاء، وأما الأسخياء إذا أرادوا أن يتقربوا إلى الله تعالى بشيء، استعجلوا به، وأتوا به في الحال، والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة شيء (٢).

وفي بعض ألفاظ البخاري: "إن النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره، وإنما يُستخرج بالنذر من البخيل" (٣).

قال في "النهاية": كأنه قال: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدِّرْهُ الله لكم، أو تصرفون به عنكم ما جرى به القضاءُ عليكم، فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا، فاخرجوا عنه بالوفاء؛ فإن الذي نذرتموه لازم لكم (٤).

قال الإمام العلامة ابن مُفلح في "فروعه": النذر مكروه وفاقًا لأبي


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٣٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٥٨٠).
(٣) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٦٣١٤).
(٤) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>