للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: نهى عنها ألبتةَ (١)، وهذا الراجح، ولهذا أمر بإكفاء القدور، ثم بيَّن بندائه بأن لحوم الحمر رجس، فظهر منه أنّ تحريمه لذاتها.

قال أبو جعفر الطحاوي: لولا تواترُ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتحريم الحمر الأهلية، لكان النظر يقتضي حلَّها؛ لأن كلَّ ما حرّم من الأهليِّ أُجمع على تحريمه إذا كان وحشيًا؛ كالخنزير الوحشيِّ، وقد أجمع على حِلِّ الحمار الوحشي، فكان النظرُ يقتضي حِلَّ الحمار الأهلي (٢).

قال في "الفتح": وما ادّعاه من الإجماع مردود؛ فإن كثيرًا من الحيوان الأهلي مختلَفٌ في نظيره من الحيوان الوحشي؛ كالهر (٣).

وفي الحديث: أن الذكاة لا تُطهر ما لا يَحل أكلُه، وأن المتنجس بملاقاة النجاسة يكفي غسلُه.

وربما استدل بأن إطلاقه يصدق ولو بغسلةٍ واحدة، وأن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لكون الصحابة أقبلوا على ذبحها وطبخها كسائر الحيوان من قبل أن يستأمِروا، مع توفر دواعيهم على السؤال عمّا يُشكل.

وأنه ينبغي لأمير الجيش تفقُّد أحوال رعيته، ومن رآه فعل ما لا يسوغ في الشرع، أشاع منعَه، إمّا بنفسه؛ بأن يخطبهم، وإما بغيره؛ بأن يأمر مناديًا فينادي؛ لئلا يغتر به من رآه، فيظنه جائزًا (٤).


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٢٩٨٦، ٣٩٨٣)، وعند مسلم برقم (١٩٣٧/ ٢٧).
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ٢٠٩).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٦٥٦).
(٤) المرجع السابق الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>