للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال علماؤنا: إذا تنجست الأرض، فعُمَّت بالماء مرةً، ولم يبق للنجاسة عينٌ، أو لا أثر من لون أو ريحٍ إن لم يعجز عن إزالتهما أو إزالة أحدهما، فإن عجز، أو كان مما لم يُزل إلا بمشقة، ألغي كما في "المبدع"، وطهر، ولو لم ينفصل الماء الذي غسلت به عين النجاسة؛ لظاهر الخبر؛ فإنه لم يأمر بإزالة الماء عنها. نعم، يضرُّ بقاء الطعم؛ لدلالته على بقاء العين، ولسهولة إزالته، فلا يحكم بطهارة المحل مع بقاء أجزاء النجاسة (١).

قال في "شرح الوجيز"؛ كغيره: إذا تنجست الأرض، لا يعتبر فيها العدد، روايةً واحدةً، كما في "شرح الهداية" (٢)، وُلوغاً كانَ أو غيرَه، نص عليه، وكذلك الأحواض المبنية، والأجرنة، نصَّ عليه، خلافاً لأبي حنيفة، والشافعي في إيجابهما التسبيعَ من نجاسة الكلب والخنزير، وعند أبي حنيفة: ثلاثاً من الكل.

وهذا الذي ذكرناه عن علمائنا هو المذهب؛ لهذا الحديث؛ ولأن الأرض مَصَبُّ الأنجاس، ومطارحُ الأقذار، فتعظُم المشقُّة فيها بالعدد، ولاسيما الأحواض والأجرنة، وما لا مصرف للغسالة النجسة بقربه؛ لأنا لو اعتبرنا العدد، فما قبل الأخيرة يكون نجساً، فتتفاقم المشقة بانتشار النجاسة، ولا جرم قلنا: تطهر بالمرة الواحدة، ويكون المنفصلُ طاهراً؛ بخلاف المنقولات، فإن نقلها وغسلَها عند الحفائر ومصارف الغسالات ممكنٌ، فلا تعظُم المشقةُ فيها بالعدد، انتهى ملخصاً.


(١) انظر: "المبدع" لابن مفلح (١/ ٣٢٩).
(٢) تقدم التعريف بـ: "شرح الهداية" للمجد ابن تيمية - رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>