للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي كلُّ أرضٍ طَيِّبَةٍ مسجدًا وطهورًا" (١).

قلت: وهذه في "الصحيحين" من حديث جابر، ولفظه: "وجُعلت لي الأرضُ طيبة طهورًا ومسجدًا" (٢)، ومعنى طيبة: طاهرةً.

فلو كان معنى قوله: طهورًا: طاهرًا؛ للزم تحصيل الحاصل.

قال الخطابي: في قوله: "مسجدًا وطهورًا": فيه إجمالٌ وإبهام، وتفصيلُه في حديث حذيفة - رضي الله عنه -: "جُعلت لنا الأرضُ مسجدًا، وتربتُها لنا طَهورًا".

وهو عند مسلم، ولفظه: "جُعلت لنا الأرضُ كلُّها مسجدًا، وجُعلت تربتُها لنا طهورًا إذا لم نجدِ الماءَ" (٣).

قال الخطابي: والحديث جاء على جهة الامتنان على هذه الأمة بأن رخص لهم في الطهور بالأرض، والصلاة في بقاعها، وكانت الأمم المتقدمة لا يصلون إلا في كنائسهم وبِيَعهم (٤)،

ويتأيد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتربتُها لنا طهورًا" ما أسلفناه من اعتبار التراب. والزيادة من الثقة مقبولة.

(فأيَّما): مبتدأ فيه معنى الشرط، و"ما": زائدة للتأكيد (٥).

و (رجلٍ): مجرور بالإضافة. والمراد: شخص ذكر أو أنثى، وإنما


(١) رواه ابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ١٢)، وابن الجارود في "المنتقى" (١٢٤)، عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) هو لفظ مسلم فقط دون البخاري، وقد تقدم تخريجه في حديث الباب.
(٣) رواه مسلم (٥٥٢)، في أول كتاب: المساجد ومواضع الصلاة.
(٤) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ١٤٦).
(٥) انظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>