للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله: حيث كان وجهه: دليل لقول من قال من الفقهاء: إن جهة الطريق تكون بدلًا من القبلة؛ حتى لا ينحرف عنها بغير حاجة المسير (١).

والحاصل: أن المتنفِّل إذا كان مسافرًا سفرًا مُباحًا، ولو قصيرًا؛ خلافًا لمالك، لم يُشترط في حقه استقبالُ القبلة، بل جهة سيره؛ لا إذا تنفل في الحضر؛ خلافًا لأبي حنيفة؛ كالراكب السائر في مصره.

ولا راكب تعاسيف: وهو ركوبُ الفلاة وقطعُها على غير صَوْب، ومنه الهائمُ والتائهُ والسائح.

فلو عدلت بالمسافر المتنفل دابَّتُه عن جهة سيره إلى غير جهة القبلة؛ لعجزه عنها، أو لجماحِها وحرنها، أو عدل هو إلى غير القبلة؛ غفلةً أو نومًا أو جهلًا أو سهوًا، أو لظنه أنها جهةُ سيره، وطالَ، بَطَلَت صلاتُه؛ لأنه عملٌ كثير؛ فيبطلها عمدُه وسهوُه وجهلُه.

وإن قصر عدوله لعذر، لم تبطل، ويسجد للسهو إن كان عذره السهو.

وإن كان غير معذور في ذلك؛ بأن عدلت دابته، وأمكنه ردُّها ولم يردَّها، أو عدلَ إلى غير القبلة، مع علمه بأنها غيرُ جهة القبلة وغير جهة سيره، بطلت صلاتُه، ولو لم يطل.

وإن انحرف عن جهة سيره، فصار قفاه إلى القبلة عمدًا، بطلت؛ لا إن كان انحرافه عن جهة سيره إلى جهة القبلة؛ لأن التوجه إليها هو الأصل، وإنما جهة سيره بدلٌ عن ذلك.

وعلى الراكب إذا تنفَّل على راحلته افتتاحُ الصلاة إلى القبلة بالدابة، بأن


(١) المرجع السابق، (١/ ١٨٨)، زاد ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٥٧٦): إلا إن كان سائرًا في غير جهة القبلة، فإن ذلك لا يضره على الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>