للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قط أشدَّ مما غضب يومئذٍ)، وهو نعت لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: غضباً أشد (١).

وكأنَّ حكمة ما ظهر من الغضب: لإرادة الاهتمام لما يلقيه لأصحابه؛ ليكونوا من سماعه على بالٍ؛ لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله (٢).

وفي حديث جابرٍ الذي خرَّجه أبو يعلى: فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى عرف الغضب في وجهه (٣).

(فقال: يا أيها الناس! إنَّ منكم منفرين).

ولعل قصة أُبي هذه، بعد قصة معاذ، فلهذا أتى بصيغة الجمع، وفي قصة معاذ: واجهه بالخطاب بقوله له: "أفتان أنت يا معاذ؟ " (٤)، ولهذا ذكر في هذا الغضب، ولم يذكر في قصة معاذ: (فأيكم أَمَّ الناسَ، فليوجز)؛ أي: يخفف، يقال: كلامٌ وجيزٌ؛ أي: خفيفٌ مقتصد، كما في "النهاية" (٥).

وفي لفظٍ: "فليخفف" (٦)

قال ابن دقيق العيد: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون


(١) انظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٩٠).
(٢) قاله أبو الفتح اليعمري، كما نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٢/ ١٩٩).
(٣) تقدم تخريجه قريباً.
(٤) رواه البخاري (٦٧٣)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: من شكا إمامه إذا طوَّل، ومسلم (٤٦٥)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في العشاء، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٥) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ١٥٥).
(٦) هو لفظ البخاري المتقدم تخريجه برقم (٩٠) عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>