للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاط قُبِلَ، وَلَمْ يُقبل ما سَمِعَ بَعْدَ الاختلاط، ومن لَمْ يميز حديثه أو سَمِعَ بَعْدَ الاختلاط لَمْ تقبل روايته (١).

ولعل الحافظ العراقي كَانَ أشمل في بيان الحكم من غيره، إِذْ قَالَ: ((ثُمَّ الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدّث بِهِ في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل، فَلَمْ ندرِ أحدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط أو بعده؟ وما حدث بِهِ قَبْلَ الاختلاط قُبِلَ، وإنما يتميز ذَلِكَ باعتبار الرُّوَاة عَنْهُمْ، فمنهم من سَمِعَ مِنْهُمْ قَبْلَ الاختلاط فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ بعده فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ في الحالين، وَلَمْ يتميز)) (٢).

وَقَدْ قسّم الْمُحَدِّثُوْنَ المختلطين من حَيْثُ تأثير الاختلاط في قبول مروياتهم عَلَى ثلاثة أقسام قَالَ العلائي (٣): ((أما الرُّوَاة الَّذِيْنَ حصل لَهُمْ الاختلاط في آخر عمرهم فهم عَلَى ثلاثة أقسام:

أحدها: من لَمْ يوجب ذَلِكَ لَهُ ضعفاً أصلاً، وَلَمْ يحط من مرتبته؛ إما لقصر مدة الاختلاط وقلَّتِهِ كسفيان بن عيينة (٤)، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم؛ وإما لأنه لَمْ يروِ شيئاً حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم كجرير بن حازم، وعفان بن مُسْلِم (٥)، ونحوهما.

ثانيها: من كَانَ مُتَكلَّماً فِيْهِ قَبْلَ الاختلاط، فَلَمْ يحصل من الاختلاط إلا زيادة في ضعفه؛ كابن لهيعة (٦)، ومحمد بن جابر السُّحيمي (٧)، ونحوهما.


(١) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٣٥٤، وفي طبعتنا: ٤٩٤، والإرشاد، للنووي ٢/ ٧٨٨، والتقريب، لَهُ: ١٩٨، وطبعتنا: ٢٧٥، والمنهل الروي: ١٣٧، واختصار علوم الْحَدِيْث: ٢٤٤، والشذا الفياح ٢/ ٧٤٤، والمقنع ٢/ ٦٦٣، والعواصم ٣/ ١٠١ - ١٠٣، وفتح المغيث ٣/ ٢٧٧، وفتح الباقي ٣/ ٢٦٤ الطبعة العلمية و ٢/ ٣٢٣ طبعتنا، وتدريب الراوي ٢/ ٣٧٢، وتوضيح الأفكار ٢/ ٥٠٢.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة الطبعة العلمية ٣/ ٢٦٤، وفي طبعتنا ٢/ ٣٢٩.
(٣) هُوَ خليل بن كيكلدي بن عَبْد الله العلائي الدمشقي، محدث فاضل، ولد في دمشق سنة (٦٩٤ هـ‍)، وتوفي في القدس سنة (٧٦١ هـ‍)، من مصنفاته " جامع التحصيل " و " نظم الفرائد " وغيرهما. شذرات الذهب ٦/ ١٩٠، والأعلام ٢/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٤) ينظر في هَذَا مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٤٩٧، مع التعليق عَلَيْهِ.
(٥) هُوَ أبو عثمان، عفان بن مُسْلِم بن عَبْد الله الصفار البصري سكن بغداد: ثقة، توفي سنة (٢١٩ هـ‍)، وَقِيْلَ: (٢٢٠ هـ‍). الثقات ٨/ ٥٢٢، وتهذيب الكمال ٥/ ١٨٧ (٤٥٥٣)، وتهذيب التهذيب ٧/ ٢٣٠.
(٦) هُوَ أَبُو عَبْد الرحمان المصري، عَبْد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي الفقيه، قاضي مصر: صدوق، احترقت كتبه فحدّث من حفظه فأخطأ، توفي سنة (١٧٤ هـ‍). تهذيب الكمال ٤/ ٢٥٢ (٣٥٠١)، والعبر ١/ ٢٦٤، والتقريب (٣٥٦٣).
(٧) هُوَ مُحَمَّد بن جابر بن سيار السحيمي الحنفي، أَبُو عَبْد الله اليمامي، أصله كوفيٌّ، وَكَانَ أعمى، قَالَ عَنْهُ البخاري: ليس بالقوي، يتكلمون فِيْهِ، رَوَى مناكير، توفي سنة بضع وسبعين ومئة.
=

<<  <   >  >>