للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمفردهم، وقسم مِنْهُمْ يستعين بمن يثق بِهِ ليعاونه عَلَى ذَلِكَ. إذن فالبصر مهم في ذَلِكَ وله دور كبير في المحافظة على الحفظ؛ لذا فإنّ زوال البصر وذهابه قَدْ يؤدي بالمحصلة النهائية إلى دخول الوهم في بعض روايات الْمُحَدِّثِيْنَ مِمَّا يؤدي إلى حصول اختلاف بَيْنَ الروايات.

ومن الَّذِيْنَ ذهب بصرهم: عَبْد الرزاق بن همام الصنعاني (١) صاحب المصنف قَالَ الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((عمي في آخر عمره فتغير)) (٢). وكذا علي بن مسهر (٣) قَالَ العجلي (٤): ((صاحب سنة ثقة في الْحَدِيْث صالح الكتاب كثير الرِّوَايَة عَنْ الكوفيين)) (٥)، وَقَالَ أبو عَبْد الله أحمد بن حَنْبَل لما سئل عَنْهُ: ((لا أدري كيف أقول كَانَ قَدْ ذهب بصره فكان يحدّثهم من حفظه)) (٦).

خامساً. ذهاب الكتب:

قَدْ علمنا مِمَّا سبق أن ضبط الكتاب (٧) هُوَ أحد قسمي الضبط، والعمدة في هَذَا القسم عَلَى كتاب الرَّاوِي، وتطرق الخلل إلى كتابه أمر مضر بالثقة في مرويات ذَلِكَ الرَّاوِي، وَقَدْ يصل الأمر إلى أن يدع الرَّاوِي روايته جملة بسبب فقد كتابه.

إلاّ أن بعض الرُّوَاة قَدْ يعلق في أذهانهم شيء من تِلْكَ المرويات الَّتِيْ دونوها في كتبهم المفقودة، فيحدّثون بِهَا، ولما كَانَ معتمدهم أصلاً في الرِّوَايَة عَلَى كتبهم لا عَلَى حفظهم فإن وجود الخطأ والوهم في تِلْكَ الروايات وارد.

ومن رواة الأحاديث الَّذِيْنَ ذهبت كتبهم مع اعتمادهم عَلَى تِلْكَ الكتب في


(١) هُوَ عَبْد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني أبو بكر الحميري، مولاهم صاحب المصنف: ثقة، حافظ، عمي في آخر عمره فتغير، توفي سنة (٢١١ هـ‍).
طبقات ابن سعد ٥/ ٥٤٨، والتاريخ الكبير ٦/ ١٣٠، والتقريب (٤٠٦٤).
(٢) التقريب (٤٠٦٤).
(٣) هُوَ أبو الحسن علي بن مسهر القرشي الكوفي، قاضي الموصل: ثقة لَهُ غرائب بَعْدَ أن أضر، مات سنة (١٨٩ هـ‍).
طبقات ابن سعد ٦/ ٣٨٨، وتهذيب الكمال ٥/ ٣٠١ و ٣٠٢ (٤٧٢٦)، والتقريب (٤٨٠٠).
(٤) هُوَ أحمد بن عَبْد الله بن صالح بن مُسْلِم، العجلي الكوفي، ولد بالكوفة سنة (١٨٢ هـ‍)، ونزل مدينة طرابلس المغرب، قَالَ يحيى: ثقة ابن ثقة. من تصانيفه: " مَعْرِفَة الثقات " وغيرها، توفي سنة (٢٦١ هـ‍). سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥٠٥، وتذكرة الحفاظ ٢/ ٥٦٠، والبداية والنهاية ١١/ ٢٨ ..
(٥) تهذيب التهذيب ٧/ ٣٨٤.
(٦) المصدر السابق.
(٧) هُوَ اعتماد الرَّاوِي عَلَى كتابه حال تأدية الْحَدِيْث.

<<  <   >  >>