للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفظ المتون وأحكامها وأداؤها بالمعنى دُوْنَ حفظ الأسانيد وأسماء المُحَدِّثِيْنَ، فإذا رفع محدّث خبراً وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه لَمْ أقبل رفعه إلا من كِتَابه؛ لأَنَّهُ لا يعلم المُسْنَد من المُرْسَل وَلاَ المَوْقُوْف من المُنْقَطِع وإنما همته إحكام المَتْن فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لا أقبل عن صاحب حَدِيث حافظ متقن أتى بزيادة لفظة في الخبر؛ لأن الغالب عَلَيْهِ إحكام الإسناد وحفظ الأسامي والإغضاء عن المتون ومَا فِيْهَا من الألفاظ إلا من كتابه، هَذَا هُوَ الاحتياط في قبول الزيادات في الألفاظ)) (١).

١٢ - وَقَدْ ذهب الزَّرْكَشِيّ (٢) إلى أن الزيادة تقبل بشروط وَهِيَ:

أ. أن لا تَكُون منافية لأصل الخبر.

ب. أن لا تَكُون عظيمة الوقع بحيث لا يذهب عَلَى الحاضرين علمها ونقلها وأما مَا يجل خطره فبخلافه.

ج. أن لا يكذبه الناقلون في نقل الزيادة.

د. أن لا يُخَالِف الأحفظ والأكثر عدداً فإن خالف فظاهر كلام الشَّافِعيّ-رَحِمَهُ اللهُ- في "الأم" (٣) إنَّهَا مردودة فَقَالَ: ((إنما يدل عَلَى غلط المحدّث أن يُخَالِف غيره مِمَّنْ هُوَ أحفظ مِنْهُ أو أكثر مِنْهُ)) (٤).

وَقَدْ عقّب العلائي عَلَى كلام الشَّافِعيّ هَذَا بقوله: ((فأشار الشَّافِعيّ رَحْمةُ اللهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلى أن هذِهِ الزيادة الَّتِي زادها مَالِك رَحِمَهُ اللهُ في الحَدِيْث لَمْ يُخَالِف فِيْهَا من هُوَ أحفظ مِنْهُ وَلاَ أكثر عدداً فَلاَ يَكُون غلطاً، وَفِي ذَلِكَ إشارة ظاهرة إلى أن الزيادة متى تضمنت مخالفة الأحفظ والأكثر عدداً أَنَّهَا تَكُون مردودة، وَلَمْ يفرق بَيْنَ بلوغهم إلى حد يمتنع عَلَيْهِمْ الغفلة والذهول وبين غيره، بَل اعتبر مطلق الأكثرية الزيادة في الحفظ)) (٥).

١٣ - أما أئمة الحَدِيْث كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمان بن مهدي وعلي بن المديني وأحمد بن حَنْبَل، ويحيى بن معين، والبُخَارِيّ، والتِّرْمِذِي، والنَّسَائِيّ، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، والدَّارَقُطْنِيّ، وغيرهم كُلّ هَؤُلاَء يَقْتَضِي


(١) انظر: الإحسان ١/ ٦٤ وط الرسالة ١/ ١٥٩.
(٢) البحر المحيط ٤/ ٣٣٤.
(٣) انظر: الأم ٧/ ١٩٨.
(٤) ونقله عَنْهُ الزَّرْكَشِيّ في البحر المحيط ٤/ ٣٣٤ - ٣٣٥، والعلائي في نظم الفرائد: ٣٨٤.
(٥) نظم الفرائد: ٣٨٤.

<<  <   >  >>