للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الإمام الترمذي: ((سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل - البخاري - يقول: ((حَدِيْث سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل في هَذَا الباب أصح من حَدِيْث شعبة، وشعبة أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث في مواضع، قَالَ: ((عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، وإنما هُوَ حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، ليس فِيْهِ علقمة، وَقَالَ:

((وخفض بِهَا صوته)) وَالصَّحِيْح أنه جهر بِهَا)) وسألت أبا زرعة فَقَالَ: ((حَدِيْث سفيان أصح من حَدِيْث شعبة، وَقَدْ رَوَاهُ العلاء بن صالح (١))) (٢).

وَقَدْ عقّب الحافظ البيهقي عَلَى قَوْل هذين الجهبذين فَقَالَ: ((أما خطؤه في متنه فبين، وأما قوله: ((حجر أبو العنبس)) فكذلك ذكره مُحَمَّد بن كثير عن الثوري (٣)، وأما قوله: عن علقمة فَقَدْ بين في روايته أن حجراً سمعه من علقمة، وَقَدْ سمعه أَيْضاً من وائل نفسه (٤)، وَقَدْ رَوَاهُ أبو الوليد الطيالسي عن شعبة نحو رِوَايَة الثوري)) (٥).

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((كَذَا قَالَ شعبة وأخفى بِهَا صوته، ويقال: إنه وهم فِيْهِ؛ ولأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل، وغيرهما رووه عن سلمة، فقالوا: ورفع صوته بآمين، وَهُوَ الصواب)) (٦).

والذي يهمنا في مجال بحثنا هُوَ خطأ الإمام شعبة بقوله: ((أخفى بِهَا صوته))، والمرجح هنا هُوَ رِوَايَة سفيان، وعند الاختلاف من غَيْر مرجحات فرواية سفيان أقوى من رِوَايَة شعبة؛ إِذْ قَالَ شعبة نفسه: ((سُفْيَان أحفظ مني) وَقَالَ لَهُ رجل: وخالفك سُفْيَان قَالَ: ((دمغتني) وَقَالَ يحيى بن سعيد القطان: ((ليس أحدٌ أحب إليّ من شعبة، ولا يعدله عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان)) (٧). وَقَالَ البيهقي: ((لا أعلم


(١) هُوَ العلاء بن صالح التيمي العبدي، الأسدي الكوفي العطار: صدوق لَهُ أوهام.
تهذيب الكمال ٥/ ٥٢٤ - ٥٢٥ (٥١٦١)، والكاشف ٢/ ١٠٤ (٤٣٣٤)، والتقريب (٥٢٤٢).
(٢) الجامع الكبير ١/ ٢٨٩، والعلل الكبير: ٦٨ (٩٨)، ورواية العلاء بن صالح ستأتي.
(٣) رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عن الثوري عِنْدَ أبي داود (٩٣٢)، والطبراني في " الكبير " ٢٢/ (١١١).
ويزاد على هَذَا أن رِوَايَة وكيع بن الجراح - وَهُوَ ثقة - التقريب (٧٤١٤) -، والمحاربي: عَبْد الرحمان ابن مُحَمَّد بن زياد، وَهُوَ ثقة - تهذيب الكمال ٤/ ٤٦٦ - ، روياه عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ ١/ ٣٣٣ عن سفيان الثوري، عن سلمة، عن حجر أبي عنبس، بِهِ لذا نجد المزي صدّر الترجمة بقوله: ((حجر بن العنبس الحضرمي، أبو العنبس))، تهذيب الكمال ٢/ ٦٩ (١١٢٠).
(٤) كَمَا بينا - فِيْمَا سبق - في تخريج حَدِيْث شعبة فبعض الرُّوَاة رووا الْحَدِيْث عن حجر، عن علقمة، عن وائل، أو عن وائل فيشبه أن يَكُوْن حجر قَدْ سمعه من علقمة، ومن أبيه وائل أَيْضاً.
(٥) السنن الكبرى، للبيهقي ٢/ ٥٨.
(٦) سنن الدَّارَقُطْنِيّ ١/ ٣٣٤.
(٧) انظر: تهذيب الكمال ٣/ ٢٢٠.

<<  <   >  >>