للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هِيَ مَعْرِفَة صحة الْحَدِيْث أو ضعفه، فمدار قبول الْحَدِيْث غالباً عَلَى إسناده، قَالَ القاضي عياض: ((اعلم أولاً أنّ مدار الْحَدِيْث عَلَى الإسناد فِيْهِ تتبين صحته ويظهر اتصاله)) (١). وَقَالَ ابن الأثير (٢): ((اعلم أنّ الإسناد في الْحَدِيْث هُوَ الأصل، وعليه الاعتماد، وبه تعرف صحته وسقمه)) (٣).

وهذا المعنى مقتبس من عبارات المتقدمين.

قَالَ سفيان الثوري: ((الإسناد سلاح المؤمن، إذا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سلاح فبأي شيء يقاتل؟)) (٤).

وهذا أمير المؤمنين في الْحَدِيْث شعبة بن الحجاج (٥) يقول: ((إنما يعلم صحة الْحَدِيْث بصحة الإسناد)) (٦).

وَقَالَ عَبْد الله بن المبارك: ((الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)) (٧).

وعلى هَذَا فالإسناد لابد مِنْهُ من أجل أن لا ينضاف إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ما ليس من قوله. وهنا جعل الْمُحَدِّثُوْنَ الإسناد أصلاً لقبول الْحَدِيْث؛ فلا يقبل الْحَدِيْث إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ إسناد نظيف، أوله أسانيد يتحصل من مجموعها الاطمئنان إلى أنّ هَذَا الْحَدِيْث قَدْ صدر عمن ينسب إِلَيْهِ؛ فهو أعظم وسيلة استعملها الْمُحَدِّثُوْنَ من لدن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - إلى عهد التدوين كي ينفوا الخبث عن حَدِيْث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويبعدوا عَنْهُ ما ليس مِنْهُ.


(١) الإلماع: ١٩٤.
(٢) المبارك بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم الشيباني، العلامة مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزري، ثُمَّ الموصلي، من مصنفاته: "جامع الأصول" و "النهاية"، ولد سنة (٥٤٤ هـ‍)، وتوفي سنة (٦٠٦ هـ‍).
وفيات الأعيان ٤/ ١٤١، وتاريخ الإِسْلاَم: ٢٢٥ - ٢٢٦ وفيات (٦٠٦ هـ‍)، سير أعلام النبلاء ٢١/ ٤٨٨.
(٣) جامع الأصول ١/ ٩ - ١٠.
(٤) أسنده إِلَيْهِ الْخَطِيْب البغدادي في " شرف أصحاب الْحَدِيْث ": ٤٢ (٨١).
(٥) هُوَ شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثُمَّ البصري: ثقة حافظ متقن، كَانَ الثوري يقول: هُوَ أمير المؤمنين في الْحَدِيْث، وَهُوَ أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وَكَانَ عابداً، مات سنة (١٦٠ هـ‍).
تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٢٤٤ - ٢٤٦، وسير أعلام النبلاء ٧/ ٢٢ و ٢٢٧، التقريب (٢٧٩٠).
(٦) التمهيد ١/ ٥٧.
(٧) مقدمة صَحِيْح مُسْلِم ١/ ١٢، وطبعة فؤاد عَبْد الباقي ١/ ١٥، وشرف أصحاب الْحَدِيْث: ٤١ (٧٨)، والإلماع: ١٩٤.

<<  <   >  >>