للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَمْ يصب البيهقي في ظنه هَذَا، فيحيى هَذَا هُوَ آخر باهلي بصري، يكنى أبا بكر، ذكره ابن حبان في ثقاته (١)، قَالَ العراقي: ((ولا يقدح فِيْهِ قَوْل ابن معين: لا أعرفه، فَقَدْ عرفه غيره، وروى عَنْهُ نحو من عشرين نفساً)) (٢).

وَقَالَ ابن حبان: ((وَكَانَ راوياً لابن جريج)) (٣)، وفرّق هُوَ وابن معين بينهما (٤).

فمن هَذَا يظهر أن حال يحيى يصلح للمتابعة والاعتضاد، لاسيما وَقَدْ نص العلماء عَلَى عدم اشتراط أعلى مراتب الثقة في المُتابِع (٥). أما قَوْل ابن معين: ((لا أعرفه))، فأراد بِهِ غَيْر المتبادر إلى الذهن وَهُوَ جهالة العين، فَقَدْ عنى جهالة الحال (٦) ولذا قَالَ العراقي - كَمَا نقلناه آنفاً -: ((قَدْ عرفه غيره)).

وبهذا تظهر صحة متابعة يحيى بن المتوكل لهمام، وعدم صحة دعوى تفرد همام بالمتن والإسناد، فيتجه الحمل - والحالة هَذِهِ - إلى من فوقه وَهُوَ ابن جريج، وَهُوَ مدلس (٧).

والذي يبدو أن الخطأ في هَذَا الْحَدِيْث من ابن جريج، ولاسيما أن ابن المتوكل وهماماً بصريان (٨)، وَقَدْ نص العلماء عَلَى أن رِوَايَة البصريين عن ابن جريج فِيْهَا خلل من جهة ابن جريج لا من جهة أهل البصرة (٩).

وبيانه: أن ابن جريج دلّس للبصريين الواسطة بينه وبين الزهري، وَهُوَ زياد بن


=
ونص كلامه في " الكامل " ٩/ ٣٩، والميزان ٤/ ٤٠٤.
(١) ٧/ ٦٣٢.
(٢) التقييد والإيضاح: ١٠٨، وانظر: سؤالات ابن الجنيد، ليحيى بن معين (٩٢٦).
(٣) الثقات ٧/ ٦١٢.
(٤) سؤالات ابن الجنيد (٩٢٦) و (٩٢٧).
والذي يظهر أن ابن عدي قَدْ حصل لَهُ خلط بينهما، فنراه يجعل الترجمة هكذا: ((يحيى بن المتوكل الباهلي مولى آل عمر مديني يكنى أبا عقيل)). ثُمَّ يسوق سنداً يقول فِيْهِ: ((حَدَّثَنَا الحسين بن عَبْد الله ابن يزيد، حَدَّثَنَا موسى بن مروان، حَدَّثَنَا يحيى بن المتوكل البصري)). الكامل ٩/ ٣٩. وهكذا نجده جعل الباهلي مدنياً، وَهُوَ بصري، وساق سند البصري في ترجمة المديني، والله أعلم.
(٥) شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: ١٢٩.
(٦) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ ٢/ ٦٧٨.
(٧) انظر: جامع التحصيل: ١٠٨ (٣٣)، وطبقات المدلسين: ٤١ (٨٣)، وإتحاف ذوي الرسوخ: ٣٧ (٨٥).
(٨) انظر: ثقات ابن حبان ٧/ ٦١٢، وتقريب التهذيب (٧٣١٩).
(٩) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ ٢/ ٦٧٧.

<<  <   >  >>