للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثالثها: أنه لو كان المعنى ما قاله الشارح لما كان في ذلك مزية وخصوصية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل كل من تحيز إليه في وقت القتال فهو فئته، فأى مزية لذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه بذلك لولا إرادة المعنى الذي يقوله المؤلف.

رابعها: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أنا فئة المسلمين" والمسلمين لفظ عام يشمل المتصف بالإسلام إلى قيام الساعة ولا موجب لتخصيصه، بل التخصيص خلاف الأصل، وهو بدون مخصص تحكم باطل بإجماع، فتعين المعنى الذي قاله المؤلف -رضي اللَّه عنه- وهو أن من صدر منه ما يوجب اللوم والانزعاج شرعا وطبعا ودين ودنيا، فليرجع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه فئته، وبالرجوع إليه والاستشفاع بجنابه الكريم وجاهه العظيم يزول عنه كل ضيم ويدفع عنه كل عار ويمحى عنه كل ذنب، كما وقع للفارين من الزحف -وهو من أكبر الكبائر- برجوعهم إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن من فاء إلى جنابه الأقدس وحِماه المنيع الأرفع ولو بعد تحقق الفرار من الزحف، فكأنه رجع إلى الفئة التي أباح اللَّه الرجوع إليها ساعة القتال، فلله در المؤلف رضي اللَّه عنه ما أسدَّ نظره وأصدق فراسته في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>