للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما سهل عليه هذا الأمر كثرة حفظه وسعة اطلاعه مع شدة الاستحضار (١)، حيث لم يكن بحاجة إلى مطالعة المراجع دائما، بل كان كثيرا ما يعتمد على ذاكرته في النقل، مما أعانه كثيرا على الكتابة وهو بمنفاه.

غير أنه رحمه اللَّه كان تعتريه حدة في بعض كتاباته خاصة إذا تعرض للنقد أو للرد على مسألة علمية قد حاد فيها أحد العلماء عن الجادة، فهو ينفعل ويغضب لذلك، وربما صدرت منه بعض الألفاظ الحادة التى إن دلت على شيء فإنما تدل على شدة غيرته على شرع اللَّه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وكان مع صغر سنه يقوم مقام الطالب والأستاذ في آن واحد، أو هو الشاب الشيخ كما وصفه بذلك علامة الديار المصرية الشيخ بخيت المطيعي، لأنه شاب في سنه، شيخ في علمه وعقله، وليس أدلَّ على ذلك من أن يقصده علماء عصره للقراءة عليه وهو لم يزل في مرحلة الطلب، فقرأ فتح الباري سردا، وقرأ الكتب الستة مرات، ودرَّس نيل الأوطار والشمائل المحمدية.

ثم تصدر للإملاء، فأحيا بذلك سنة الحفاظ الأوائل وكانت قد اندثرت، فجلس لذلك بمسجد الحسين ومسجد الكخيا بالقاهرة والمسجد


(١) ومما يذكر في هذا المقام أن الشيخ في مرحلة طلبه الأولى كان قد تناول حبَّ "البَلاذُرْ"، وهو من نوع الزبيب يخرج في أرض الأندلس، وهو مشهور بين الحفاظ بأنه يقوي الذاكرة ويعين على الحفظ، لذا حرص كثير من الحفاظ على تناوله، منهم مفخرة المغرب الحافظ ابن رشيد السبتي المتوفى سنة ٧٢١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>