للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسعد بن أبي وقَّاصٍ وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيَّةٍ. فقال "أقَدْ قَضَى؟ " قالوا: يا رسول الله! فبكى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلمَّا رَأى القوْمُ بُكَاءَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا فقال: "ألا تسمَعُون؟ إن الله لا يعذِّبُ بدَمْع العين، ولا بحُزْنِ القلب، ولكن يُعذِّبُ بهذا، (وأشار إلى لسانِه) أو يَرْحَمُ".

وعن أسامة بن زيد (١) قال: كُنَّا عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرْسَلَتْ إلَيْهِ إحدى بناتِهِ تدْعُوهُ وتُخْبِرُهُ أن صِبَيَّا لها، أو ابْنًا لها، في الموتِ. فقال للِرَّسُولِ: "ارجع إلَيْهَا. فأخْبِرْهَا: أنَّ للهِ ما أَخَذَ ولَهُ ما أعْطَى. وكُلُّ شئٍ عندَهُ بأجل مُسمًّى، فَمُرْهَا فلتصْبِرْ ولتحتسِبْ". فعَادَ الرسُولُ فقال: إنهَا قد أقسَمَتْ لتأتينَّهَا. قال فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام مَعَهُ سعدُ بن عُبَادَةُ ومعاذُ بن جبل، وانطلقْتُ معهم فُرفِعَ إليه الصبيُّ ونفسُهُ تَقَعْقَعُ كأنها في شنَّةٍ، ففاضَتُ عينَاهُ فقال له سعدُ بن عبادة: ما هذا؟ يا رسول الله! قال: "هذِهِ رحمةٌ جَعَلَهَا اللهُ في قلوب عبادِهِ، وإنَّما يرحَمُ اللهُ من عبادِهِ الرُّحَمَاءَ".

وعن أنس بن مالك (٢) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وُلِدَ لَىِ الليلةَ غلامٌ، فسميتُهُ باسم أَبي، إبراهيمَ "ثم دفعه إلى أُمِّ سَيْفٍ، امرأةِ قين يُقال لَهُ أبوُ سيف، فانطلق يأتيهِ واتَّبَعتُهُ، فانتهى إلى أبي سَيْفٍ، وهو ينفُخُ بكيره، قد امتلأ البيت دُخانًا، فأسرعتُ المشيَ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أمسك يا أبا سيف (٣)، جاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأمَسكَ فَدَعَا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصَّبِيِّ


(١) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (١١).
(٢) مسلم: (٤/ ١٨٠٧، ١٨٠٨) (٤٣) كتاب الفضائل (١٥) باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال - رقم (٦٢).
(٣) في مسلم: (يا أبا سيف أمسك). وكذا في (د، ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>