للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوا فوالذي نفسي بيدِهِ لأقاتلنهم على أمْري هذا حتى تَنْفَردَ سالِفَتي، وليُنفِذَنَّ اللهُ أمْرَهُ" فقال بُدَيْلْ: سأبلغُهُم ما تقولُ. فانطَلَقَ حتى أتى قُريشًا قال: إِنَّا قد (١) جِئْناكم مِن هذا الرَّجُل، وسمعناهُ يقولُ قولًا فإن شِئْتُم أنْ نَعْرِضَهُ عليكُمْ فعَلْنا. فقال سُفَهاؤهُم: لا حاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرنا (٢) عنه بشيءٍ. وقالَ ذوو الرَّأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ. قال: سمِعْتُهُ يقولُ: كذا وكذا. فَحَدَّثَهُم بما قال النبر - صلى الله عليه وسلم -. فقام عُرْوةُ بن مسعودٍ فقال: أي قَوْمِ، ألسْتُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلى. قال: أو لَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بلى. قال: هل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستُم تعلمون أني استنفرت أهلَ عُكاظَ، فلمّا بَلَّحُوا (٣) على جئتُكُم بأهلى وولدي ومَن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإنَ هذا قد عَرَضَ عليكم خُطَّةَ رُشْدٍ اقبلوها ودعوني آتهِ. قالوا: ائتِهِ. فأتاه فجعل يُكَلِّم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من قولهِ لبُديل. فقالَ عُرْوَةُ عند ذلك: أي مُحمَّدُ، أرايتَ إِنِ استأصَلْتَ أمرَ قومِكَ، هل سَمِعْتَ بأحَدٍ من العَرَبِ اجْتاحَ أهْلَهُ قَبلكَ؟ وإن تَكُن الأخرى، فإنى واللهِ لا أرى وُجوها، وإنيِّ لَأرى أشوابًا (٤) من الناسِ خَلِيقًا (٥) أن يفروا عنك (٦) ويدَعوكُ. فقال له أبو بكرٍ الصديق: امْصُصْ بَظر (٧) اللاتِ، أنحنُ نَفِرُّ (٨) ونَدعُهُ؟ فقال: من ذا؟ فقالوا: أبو بكر الصديق (٩)، فقال: أما والذي نفسي بيد، لولا يَدٌ كانت لك عندي لم أجْزكَ بها لَأجَبْتُكَ. قال: وجعل يُكَلمُ النبي - صلى الله


(١) (قد): ليست في البخاري وليست في (د).
(٢) في البخاري: (تخبرونا).
(٣) بلحوا: أي امتنعوا، والتبلح: التمنع من الإجابة.
(٤) الأشواب: الأخلاط من أنواع شتى.
(٥) خليقًا: أي حقيقًا وزنًا ومعنى.
(٦) (عنك): ليست في البخاري.
(٧) البظر: قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة وكانت عادة العرب الشتم بذلك.
(٨) في البخاري: (نفر عنه).
(٩) الصديق: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>