للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب في الإِيمان

مسلم (١)، عن يَحيىَ بن يَعمَرَ قال: كان أوَّل من قال في القَدَرِ (٢) بالبَصرِة مَغبَد الجُهنَي، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَرِي حَاجَّين أو مُعتمِرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألنَاه عمَّا يقُولُ هؤلاءِ في القَدر. فَوُفَق لنا (٣) عبد الله بن عمر بن الخطاب داخِلاً المسجد. فاكتنفتُه أنا وصاحبي (٤). أحدُنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننتُ أن صاحبي سَيَكلُ الكلامَ إليَّ. فقلتُ: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قِبَلَنا ناسٌ يقرؤن القرآن ويتقفرون العلمَ (٥). وذكر من شأنِهم (٦). وأنَّهم يزعُمُون ألاَّ قَدَرَ، وأنَّ الأمرَ أُنُفٌ (٧).

فقال: إذا لقيتَ أولئكَ فأخبرهُم أنِّي بريء منهما، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر، لو أن لِأحدِهم مثل أُحُدٍ ذهباً فأنفقهُ (٨)، ما قَبِلَ الله منه حتى يُؤمن بالَقدر.


(١) مسلم. (١/ ٣٦) (١) كتاب الإيمان (١) باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان -رقم- (١).
(٢) أول من قال با القدر: معناه أول من قال بنفسى القدر فابتدع خالف الصواب الذي عليه أهل الحق. ويقال القَدَر والقدْر، لغتان مشهورتان.
(٣) فوفق لنا: معناه جعل وفقاً لنا، وهو من الموافقة التي هي كالإلتئام، يقال أتانا لتيفاق الهلال ميفاقه، أي حين أهلَّ، لا قبله ولا بعده، وهي لفظة تدل على صدق الإجماع في الإلتئام.
(٤) فاكتنفته أنا، صاحبي: بعني صرنا في ناحيته،: وكنفا الطائر: جناحاه.
(٥) ويتقفرون العلم: يطبونه ويتتبعونه وقيل معناه: يجمعونه.
(٦) وذكر من شأنهم: هذا الكلام من كلام بعض الرواة الذين دون يحيى بن يعمر، يعني وذكر ابن يعمر من حال هؤلاء، ووصفهم بالفضيلة في العلم: الإجتهاد في تحصيله والإعتناء به.
(٧) وأن الأمر أنف: أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه.
(٨) (ب): فأنفقه في سبيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>