للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الفضيل بن عياض: "مَن عدَّ كلامه مِن عمله قلَّ كلامه فيما لا يعنيه" (١).

وعن ذي النون -رَحمه الله-: "أَصوَنُ النَّاس لِنَفْسِهِ أَمْلَكُهُم لِلِسَانِهِ" (٢).

وفي صحف إبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام-: "مَنْ عدَّ كلامه من عمله قَلَّ كلامه". أو نحو هذا.

وفيها: "وعلي العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مُقْبِلًا على شأنهِ، حافِظًا للسانِهِ، وَمَنْ حسب كلامه من عمله قل كلامه". وغير ذلك (٣).

الثَّانية: إكرامُ الجار -وقد أسلفنا مَا صَحَّ فيه-، ومَقْصُودُهُ مَقْصُودُ الحديث السَّالِفِ: "لا يُؤْمنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" أعني: من الألفة والاجتماع، واتّفاق الكلمة، وضِدُّه منافٍ لذلك، وكانت الجاهلية تُشَدِّدُ أَمْرَ الجَارِ ومراعاته وحِفظِ حَقَهِ، وكان في الوصيَّة بإكرامه الرغبة في الإسلام، وهو راجعٌ إلى قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: ٣٦].

قال ابن عباس وغيره: "الجَارُ القريب: النَّسيب، و {الْجُنُبِ}: الذي لا قَرَابَةَ بينَكَ وبَيْنَهُ" (٤).

وقيل: من {الْقُرْبَى}: المسلم، و {الْجُنُبِ}: الذِّمِّي.

وقيل: {الْقُرْبَى}: القريب السَّكن منكَ، و {الْجُنُبِ} البَعِيدُهُ.

ثم الجار المُسْلِم له حقَّان، والقريب له ثلاثة، والكافر واحد.


(١) رواه القشيري في "الرسالة" (٢٣١).
(٢) المصدر السابق (٢٢٩).
(٣) تقدَّم تخريجه ص (١٩٦).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٣٣٥ رقم ٩٤٣٧، ٩٤٣٨، ٩٤٤٧)، والبيهقيّ في "شعب الإيمان" (١٢/ ٨١ رقم ٩٠٧٩).

<<  <   >  >>