للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهمل كثيرًا!! (١)، وأكثر منه في "عِلَله"، نعم؛ جازَفَ في "موضوعاته" احتياطًا لتهذِيب السُّنة، وقد أنكرَ ذلك عليه الحُفَّاظ، وبعضها صحيح وبعضها حسن (٢).

ثم اعلم أَنَّ الإمامَ أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - لم يلتزم الصِّحَّةَ في "مسنده"، وإِنَّمَا أخرجَ مَا لَمْ يُجْمِع الناس على تَرْكِهِ، و"مسنده" مع "مسند" إسحاق (٣) و"المسند" لابن أبي شيبة و"مصنفه"، مُتَقَاربة في الكثرة والشُّهرة، و"مسند البزار"، وأبي يعلى متقاربان في التَّوَسّط، و"مسند" الحميدي، والدارمي متقاربان في الاختصار.

وأَمَّا الدَّارِميُّ؛ فمسنده لطيف وغالِبُهُ الصِّحة، وهو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي التميمي السمرقندي الحافظ، عالمها، من دارم بن مالك بن


(١) الأحاديث التي حكم عليها ابن الجوزي بالوضع في "المسند" أكثر من سبعة، ذكر الحافظ العراقي منها ستة، والحافظ ابن حجر خمسة عشر، وقد أجاب ابن حجر عنها، وذكر أنها لا تنزل إلى درجة الوضع، انظر: "القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد". وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّه ليس في "المسند" حديث موضوعٌ وهو الَّذي "قد يُرادُ به المختَلَق المصنوع الَّذي يتعمَّد صاحبه الكذب". "المصعد الأحمد" (١/ ٣٥)، و"الفتاوى" (١٨/ ٢٦).
وقال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (١/ ٢٤١) -بعد ذِكره لتعقبه لابن الجوزي في رسالته "القول المسدد"-: " ... ثُمَّ تعقَّبتُ كلام ابن الجوزي فيها حديثًا حديثًا، وظَهرَ مِن ذلكَ أنَّ غالبها جِيَادٌ، وأَنَّهُ لا يَتَأَتَّى القَطْعُ بالوَضع في شيءٍ مِنها، بل ولا الحكم بكون واحدٍ منها موضوعًا إلا الفرد النادر، مع الاحتمال القوي في دفع ذلك".
ومما يدل على صحة كلام ابن الجزري وابن حجر أن هناك بعض الأحاديث التي ضعَّفها الإمام أحمد في كتابه "العلل" رواها في "المسند" [انظر: المسند (١/ ٧٠ - ٧٦ ط الرسالة)، و"الفروسية" لابن القيم (٢٤٦ - ٢٧١)، مما يدل على أنَّه أراد تنقيحه ولكن اختَرَمتهُ المنية قبل ذلك. انظر "تعجيل المنفعة" (١/ ٢٤٠ - ٢٤١).
والكلام في هذه المسألة طويل الذيل -كما يقولون- ولكني أردتُ الإشارةَ والبيان.
(٢) انظر ترجمته في: "طبقات علماء الحديث" (٢/ ٨١)، و"السير" (١١/ ١٧٧).
(٣) هو الإمام إسحاق بن راهويه، وجزءٌ من "مسنده" مطبوع بتحقيق د. عبد الغفور البلوشي.

<<  <   >  >>