للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غير سؤال، فالظاهر قَوْل الشافعي، ويقرب منه قول الهادي وأبي حنيفة.

وفي قوله: "أو غازٍ في سبيل الله" يفهم منه أن الغازي له أن يتجهز في غزوه من الزكاة وإن كان غنيًّا، لأنه ساعٍ في سبيل الله، ويلحق به من كان قائمًا بمصلحة عامة من مصالح المسلمين؛ كالقضاء والإفتاء والتدريس أي أنه له الأخذ من الزكاة فيما يقوم به مدة القيام بالمصلحة وإن كان غنيًّا، والله أعلم.

قال الطبري (١): في حديث عمر - رضي الله عنه - الآتي دليل واضح على أن مَنْ شُغِلَ بشيءٍ من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله، انتهى.

وذكر ابن المنذر (٢) أنَّ زيد بن ثابت كان يأخذ الأجر على القضاء، واحتج أبو عُبَيْد في جَوَاز ذلك بما فرض اللهُ للعاملين على الصدقة وجعل لهم منها حقًّا لقيامهم وسعيهم فيها، وهذا الذي ذكره هو الذي أشار إليه البخاري حيث قال: "باب رزق الحاكم والعاملين عليها" (٣).

والمراد بالرزق: ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين.

وقال المطرزيُّ (٤): الرزق ما يخرجه الإمام كل شهر للمرتزقة من بيت المال، والعطاء ما يخرجه كل عام.

وقول البخاري: "والعاملين عليها": يحتمل أن يريد العاملين على الصدقات، وعطفه على أجر الحاكم فيكون المراد أن الحاكم يرزقه مثل رزق العامل من الصدقة بقدر عمله، ويحتمل أن يريد العاملين على


(١) الفتح ١٣: ١٥٤.
(٢) الفتح ٣١: ١٥٤.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الأحكام ١٣: ١٤٩.
(٤) الفتح ١٣: ١٥٠.