للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (١) حجة على وجوب الصيام على الإطلاق. ثم بينه سبحانه بقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} (٢) الآية، وذهبت الحنفية -وهو وجه للشافعية- إلى أنه تقدم أولًا فرضية عاشوراء فلما نزل رمضان نسخ، ويدل على ذلك حديث عائشة أنه أمر بصيامه حتى فرض رمضان فقال: "من شاء فليصمه ومن شاء أفطر" أخرجه البخاري (٣).

ويدل على الأول حديث معاوية مرفوعًا: "لم يكتب الله صيامه" (٤) يعني عاشوراء.

قوله: "لا تقدموا رمضان" إلخ، في الحديث دلالة على النهي عن صوم يوم أو يومين قبل رمضان، قال العلماء -رحمهم الله تعالى-: معنى الحديث: لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان، قال الترمذي (٥)، لما أخرج هذا الحديث: العمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان. انتهى.

والعلة بذلك أن حُكْم الصيام لا علق بالرؤية فمن تقدم بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم، ومعنى الاستثناء أن من كان له ورد فقد أذن له فيه لأنه اعتاده وألفه، وليس ذلك من استقبال رمضان في شيء، ويستثنى أيضًا القضاء والنذر بالقياس على ما ذكر لعدم كونه مستقبلًا لرمضان، فالصوم من أجله، ولكنه يلزم من التعليل المذكور أنه لا نهي عن مطلق الفعل لعدم تناول العلة له، ولعله يقال إن النهي عام لما لا سبب له، وإن لم يقصد استقبال رمضان به، وفي ذلك تكميل لحصول المَقْصِد


(١) البقرة الآية ١٨٣.
(٢) البقرة الآية ١٨٥.
(٣) البخاري الصوم، باب صيام يوم عاشوراء ٤: ٢٤٤ ح ٢٠٠١.
(٤) البخاري (السابق) ٤: ٢٤٤ ح ٢٠٠٣.
(٥) سنن الترمذي ٣: ٦٩ ح ٦٨٤.