للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كعب (١)، وأحمد وأبو داود عن رجل من الصحابة (٢).

والحديث أظهر في الوديعة.

وفي قوله: "لا تخن من خانك". المراد به ألَّا تجازي بالإساءة. وهو محمول على الندب عند جماعة من أهل العلم، وهو من يجيز استيفاء ما هو له من الغير ولو من غير جنس ما أخذ عليه بقدر ما أخذ عليه، ويدل عليه قوله تعالي: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (٣). وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (٤). وهو الأشهر من قولَي الشافعي، وسواء كان من جنس ما أُخذ عليه أو من غير جنسه بقدره، والظاهر أنَّه يملكه ويتصرف فيه. وقال أصحاب الشافعي: لا يملكه بمجرد الأخذ، بل يبيعه الحاكم على قول، أو يبيعه الآخذ على قول فيملك ثمنه، وإذا أمكنه المحاكمة لم يجز ذلك وفاقا. وذهب أبو حنيفة والمؤيد بالله إلى أنَّه لا يجوز له أن يأخذ إلا من جنس ما أخذ عليه، وهو ظاهر قوله: {بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. وقوله: {مِثْلُهَا}. وإن كان ذلك يحتمل صدق المماثلة إذا كان بقدر ما أخذ عليه، لا أزْيد. وذهب الهادي إلى أن ذلك لا يجوز إلا بحكم حاكم؛ لظاهر قوله: "ولا تخن من خانك". وظاهر النهي التحريم، ولقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٥). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" (٦). ويجاب عنه بأن ذلك ليس


(١) الدارقطني ٣/ ٣٥ ح ١٤١.
(٢) أحمد ٣/ ٤١٤، وأبو داود ٣/ ٢٨٨ ح ٣٥٣٤.
(٣) الآية ٤٠ من سورة الشورى.
(٤) الآية ١٢٦ من سورة النحل.
(٥) الآية ٢٩ من سورة النساء.
(٦) تقدم تخريجه ص ٢٥٥.