للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في المدينة المشرفة والقيراط في غيرها، أو قيراط من عمل النهار وقيراط من عمل الليل. فالمقتصر في الرواية باعتبار كل واحد من الليل والنهار، والمثنى باعتبار مجموعهما. واختلف في القيراط هنا هل هو كالقيراط المذكور في الجنازة؟ فقيل بالتسوية، وقيل: الذي في الجنازة من باب الفضل ففيه التوسعة، وهذا من باب العقوبة فهو محمول على العدل، وهي النظر إلى جانب الموازنة. وذكر في الحديث الثلاثة المستثناة فلا ضرر على متخذها، ويقاس عليه حفظ الدور إذا احتيج إلى ذلك. كذا أشار إليه ابن عبد البر (١). واتفقوا على أن المأذون في اتخاذه إنما هو غير العقور، وأما العقور فلا يتخذ؛ لأنه مأمورٌ بقتله، ويجوز تربية الجرو الصغير للمنفعة التي يئول إليها إذا كبر. وقد استدل بجواز الاتخاذ على طهارة المتخذ، لأن في ملابسته مع الاحتراز عنه مشقة شديدة، فالإذن في اتخاذه إذن في مكملاتِ مقصودِه، كما أن المنع من لوازمه مناسب للمنع من اتخاذه، وهو استدلال قوي يمكن أن يخصص عموم غسل الإناء مما ولغ فيه الكلب.

وفي الحديث دلالة على الحث على تكثير الأعمال الصالحة، والتحذير من العمل بما ينقصها، والتنبيه على أسباب الزيادة فيها والنقص منها لتجتنب، ولطف الله سبحانه بإباحة ما يحتاج إليه في تحصيل أمر المعاش وحفظه. وقد ورد الأمر بقتل الكلاب؛ أخرجه مسلم (٢) في "صحيحه" من حديث ابن عمر وابن المغفل. قال القاضي عياض (٣): ذهب كثير من العلماء إلى الأخذ بالحديث في قتل الكلاب إلا ما استثني. قال: وهذا مذهب


(١) التمهيد ١٤/ ٢١٩، ٢٢٠.
(٢) تقدم ص ٣٥٣.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١٠/ ٢٣٥.