للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن أَبَى فبأشد ولو أدى إلى قتله ولا شيء عليه، لأن الشارع أباح له مقاتلته فلا ضمان عليه كمقاتلة الصائل. ونقل عياض (١) الخلاف عندهم في وجوب الدية في هذه الحالة، ونقل ابن بطال (٢) وغيره كالقاضي عياض الاتفاق على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه ولا العمل الكثير في مدافعته لأن ذلك أشدّ في إبطال الصلاة من المرور، وذهب الجمهور (٣) أنه إذا مَرَّ ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يرده لأن فيه إعادة للمرور، وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنّ له ذلك (٤)، ويمكن حمله على ما إذا رده فامتنع وتمادى لا حيث يُقَصِّر المصلي في الرد، قال النووي (٥): ولا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع بل صَرَّح أصحابُنَا بأنه مندوب.

قال المصنف -رحمه الله (٦) -: قد صرح بوجوبه أهل الظاهر، وكأن النووي لم يطلع على خلافهم أو لم يعتد به. انتهى (٧).

وقوله "إنما هو شيطان": أي: فِعله فعل الشيطان من التشويش على المصلي.

وفي الحديث دلالة على جواز إطلاق هذا اللفظ على من فُتِنَ في الدين كما قال تعالى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} (٨) والظاهر أنه من باب التشبيه البليغ لأنَّ الشيطان حقيقة في المتمرد من الجن، ويحتمل أنْ يكون المعنى: فإنما الحامل له


(١) شرح مسلم ٢/ ١٤١، ١٤٢.
(٢) شرح ابن بطال باب يرد المُصلِّي من مر بين يدي المُصَلّي.
(٣) المغني وعزاه إلى الثوري والشعبي وإسحاق وابن المنذر. وعزاه ابن حجر إلى الجمهور، المغني ٢/ ٢٤٧، الفتح ١/ ٥٨٤.
(٤) عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: كان ابن مسعود إذا مر أحدٌ بين يديه وهو يصلي التزمه حتى يرده ويقول: إنه يقطع نصف صلاة المرء مرور المرء بين يديه، مصنف ابن أبي شيبة ١/ ٢٨٢.
(٥) شرح مسلم ٢/ ١٤١.
(٦) الفتح ١/ ٥٨٤.
(٧) قلت: بل صرح الإمام النووي أنه لا يعتد بقول داود في الإجماع والخلاف لإخلاله بالقياس وهو أحد شروط المجتهد. شرح مسلم ٤/ ٧٦٤.
(٨) الآية ١١٢ من سورة الأنعام.