للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عليكُم مِن بعدي ما يُفتَحُ عليكُم مِن زَهْرَةِ الدُّنيا وزينَتِها فقالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! أَوَ يأتي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ فسكتَ حتى ظنَنَّا أنهُ يُنزَلُ عليهِ، قال: فَمَسَحَ عنه الرُّحَضَاءَ وقال: "أينَ السَّائِلُ؟ "، وكأنَّهُ حَمِدَهُ، فقال: "إنَّه لا يأتي الخَيْرُ بالشَّرِّ، وإنَّ مِمَّا يُنبتُ الرَّبيعُ يَقتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ، إلَّا آكلَةَ الخضراءِ، أكَلَتْ حتى إذا امتَدَّتْ خاصِرَتَاهَا استقبَلَتْ عينَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وبَالَتْ، ثم عادَتْ فأَكَلَتْ، وإنَّ هذا المالَ خَضرَةٌ حُلْوَةٌ، فمَن أخذَهُ بحَقِّه ووَضَعَهُ في حَقِّه فنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، ومَن أخذَهُ بغيرِ حقِّهِ كانَ كالذي يأكُلُ ولا يَشْبَعُ، ويكونُ شهيدًا عليهِ يومَ القيامةِ".

"عن أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن مما أخاف عليكم مِن بعدي ما يُفتَح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها"، والزَّهرة - بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء وتحريكها -: حُسنها وبهجتها وكثرة خيرها مِن كل ما يُستلَذُّ به ويُستمتَع منها؛ أي: إني أخافُ إنْ كَثُرت أموالُكم أن تكونَ شاغلةٌ لكم عن الأعمال الصالحة، وموجبةً لتكبُّركم على الناس.

"فقال رجل: يا رسولَ الله! أوَ يأتي الخير، - بفتح الواو - "بالشر؟ " الباء فيه للتعدية؛ يعني: حصول الغنيمة لنا خيرٌ، وهل يكون ذلك الخير سببًا للشرِّ وتركِ الطاعة؟

"فسكت - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أنه يُنزَل عليه"؛ أي: الوحي.

"قال"؛ أي: الراوي: "فمسحَ عنه"؛ أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن نفسِه "الرُّحَضاء": وهو العَرَق الذي يَظهَر للنبي - عليه الصلاة والسلام - عند نزول الوحي، يَغسل الجِلدَ لكثرته.

"فلمَّا سُرِّيَ عنه مسحَها": وهذا كناية عن تلقِّي الوحي، وكثيرًا ما يُستعمل في الحُمَّى والمرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>