للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل الضاد والدال.

ض د د:

قوله تعالي: {ويكونون عليهم ضدا} [مريم: ٧٢]. أي عنوانًا. يشير إلي أنهم عكست عليهم أغراضهم وذلك أنهم قالوا: إنما عبدناهم ليكونوا شفعاء لنا فما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفى، فجاءوا يوم القيامة لما رجوه منهم أكذبوهم. وكانت الأصنام وقودًا عليهم وهي الحجارة في قوله تعالي: {وقوده الناس والحجارة} [البقرة: ٢٤] ومن علامة الضدين ألا يجتمعا، وقد يرتفعان كالسواد والبياض، والحركة والسكون.

والنقيضان: ما لا يجتمعان ولا يرتفعان كالسلب والإيجاب. وقال بعضهم الضدان: الشيئان اللذان تحت جنس واحدٍ. وينافي كل واحدٍ منهما الآخر في أوصافه الخاصة وبينهما أبعد البعد كالسواد والبياض، والخير والشر. وما لم يكونا تحت جنسٍ واحدٍ لا يقال لهما الضدان كالحلاوة والحركة.

قالوا: والضد هو أحد المتماثلات، فإن المتقابلين هما الشيئان المختلفان اللذان كل واحدٍ منهما قبالة الآخر، ولا يجتمعان في شيءٍ في وقتٍ واحدٍ، وذلك أربعة أشياء: الضدان، كالسواد والبياض، والمتضايفان كالضعف والنصف والوجود والعدم كالبصر والعمى والموجبة والسالبة في الأخبار، نحو: كل إنسانٍ ههنا وكثيرٌ من المتكلمين وأهل اللغة يجعلون ذلك من المضادات، ويقولون: الضدان: ما لا يصح اجتماعهما في محل واحدٍ. وقيل: الله تعالي لا ضد له ولا ند، لأن الند هو الاشتراك في الجوهر، والضد، وهو أن يتعاقب الشيئان المتنافيان علي جنس واحدٍ والله تعالي منزه عن أن يكون له جوهرٌ، فإذًا لا ضد له ولا ند. وقوله: {ويكونون عليهم ضدًا} وحده وإن كان خبرًا عن جمعٍ، لأن الأخفش حكي فيه أن يكون واحدًا وجمعًا. وقال الفراء: معناه عونًا فلذلك وحد.

قلت: كأنه ينجو به نحو المصادر، والمصادر توحد في المشهور وأحسن ما فسرت به الآية: أي يكونون منافين لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>