للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قلت: لأن المال الذي تحت يدها مالها، ملك لها, ليس للأب فيه ملك كما كان له ملك مال ولده حال حياته، بل هذه المزاحمة له من الأدلة على أنَّ مال أخيهم المالك الذي لم يجعل الله لهم فيه نصيبًا مع وجود أبيهم، كان مال الأب ولا ملك فيه للولد، وإنما جعل الله فيه للأم سهمًا من ثلث أو سدس لما يعلمه الله من شدة حزنها على فقده فجعل لها ذلك السهم من الذي خلفه ولدها، وإن كان قبل وفاته مال زوجها: جبرًا لحرارة المصيبة بابنها، والحكمة لا نعلمها، على أنَّ ما حازه الأولاد من ميراث أمهم، وزاحموا فيه والدهم عائد بالآخرة ملكًا لأبيهم بنص: "أنت وما ملكت لأبيك".

فإن قلت: فزوجة الابن الميت وأولاده يزاحمون والده فيما خلفه وقد كان المال كله قبل وفاته لأبيه؟

قلت: اختلاف أحكام المال في حياة مالكه وأحكامه بعد وفاته لا ينكرها أحد، بل هو أمر معروف شرعًا، بل لا تكون أحكام مال المالك لها مختلفة حياةً وموتًا، بل يحصل اختلافها قبل موته عندما (١) ينزل به مرض الموت؛ فإنَّه لا يتصرف في ماله الذي يملكه ضرورة وشرعًا إلَّا في ثلث منه، فإن جاوزه وقف صحة تصرفه على إجازة وارثه، والحال أنَّ وارثه لا يملك في تلك الحال نقيرًا ولا قطميرًا من مال الذي وقف نفوذه على إجازته. وكان المريض قبيل مرضه بلحظة يصح تصرفه وينفذ في


(١) في المخطوط: (عند أن).

<<  <   >  >>