للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قيل: المعتبر في الضعف قصد عدم التعميم فهذا واضح، لكنَّ ذلك إنما يظهر باعتبار قرائنَ خارجةٍ عن مدلول اللفظ، كالسياق مثلًا.

وقد تقوى القرائنُ وتَضعُف، وتَكثُر وتَقِل، وفيها مجال للنزاع فسيح.

قال أحد المُنَاظرين: إذا قال: المقصود بهذا الكلام: كذا، لا ظاهره من العموم، نازعه خصمُه في ذلك، وقال: لا أسلم أنه المقصود، نعم هو مقصود، غير أنه لا يمتنع أن يقصدَ غيرَه معه، كما سيأتي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيمَا سقَتِ السماءُ العُشر" (١).

الثالثة عشرة: قسمت المراتب على ثلاث:

إحداها: أن يظهر أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُردِ التعميمَ، وإن كان اللفظ عامًّا لغةً كقوله: "فيمَا سقَتِ السماءُ العُشر ... " الحديث، فإن سياقَه لبيانِ (٢) قدر الواجب لا غير، فهذا لا عمومَ له في غيره، وكذلك قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرِ} [المدثر: ٤] لا عمومَ له في آلات التطهير؛ إذ المقصود إنما هو الأمر بأصل التطهير، ولذلك يحسن السؤال عنها، وهو كقوله: {فَاغْسِلُوْا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]؛ إذ الغرضُ بيانُ أعضاء الوضوء مع أنه مخصوصٌ بالماء اتفاقًا.


(١) رواه البخاري (١٤١٢)، كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: "فيما سقت السماء العيون أو كان عثريًا العشر ... " الحديث.
(٢) "ت": "البيان".

<<  <  ج: ص:  >  >>