للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفرادُها بالتعليل، فالأولى تقديمُ العمومِ والظاهرِ عليها، لا سيّما إذا قَرُب أن تُزاحم، وكان ترجيحُها على ما تُقَابلُ به ليس بالقويّ (١).

الخامسة عشرة: إذا ورد العامُّ بعد الخاص، هل يُخصص به، أم يكون نسخًا؟

اختلفوا فيه؛ فالشافعية اختاروا التخصيصَ، والحنفية اختاروا النسخَ.

ومثاله: لو قيل أولًا: لا تقتلوا أهلَ الذِّمة، ثم قيل بعد ذلك بمدة متراخية: اقتلوا المشركين.

فمن قال بالمذهب الأول منعَ قتلَ أهل الذمة، ومن قال بالثاني جوَّز، وحُكي في المسألة قولٌ ثالث بالوقف.

واحتُجَّ لتقديم الخاص على العام المتأخر بأن الخاصَّ نصٌّ، والعامَّ ظاهرٌ في الاستغراق، فيقدَّم النص، كما إذا تقدم العام، وتأخر الخاص.

والاعتراضُ عليه: بأن نصَّ التناولِ للخصوص ظاهرٌ في الدوام والاستمرار، فإزالتُه بالعموم الَّذي هو ظاهرٌ في الاستغراق إزالةٌ لظاهر متقدم بظاهر متأخر، لا إزالةَ معلوم بمظنون، وذلك سائغ، فإن ماء البحر معلوم الطهورية، ثم لو أخذنا منه يسيرًا في إناء، وأمكن وقوع النجاسة فيه، فأخبرَ بذلك عَدْلٌ، رُجع إليه، ولم يكن إزالةَ معلوم بمظنون، وكذلك لو تيقنَّا طهارةَ ثوب، ثم أمكن تنجسُه،


(١) نقله الزركشي في "البحر المحيط" (٤/ ١٧٨) عن المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>