للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادية والعشرون: الذين قالوا باستثناء جلد الكلب في الطهارة بالدباغ، مخالفون لظاهر هذا العموم، وفي الاعتذار عنه وجوه:

الأول: ما قدمناه من استنباط العلة في تطهير الدباغ للجلد، وحفظِه للجلد عن التغير والفساد، وغايةُ هذا أن يَرُدَّه إلى حال الحياة، وهو في حال الحياة نجسٌ، فكذلك بعد الدباغ (١).

وقد قدمنا ما فيه من استنباط علة من النص تقتضي تخصيصَه، وذكرنا ردَّهم على الحنفية بمثل ذلك، فيلزم مثلُه هاهنا، والله أعلم.

الوجه الثاني: تخصيص هذا النص في جلد الكلب بما روى أبو المَليح بن أسامة، عن أبيه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن افتراش جلود السباع (٢)، والكلب سبع، فوجب أن ينهى عنه بكل حال، وبهذا أجاب الشيخُ أبو حامد الإسفراييني الشافعي؛ أعني: أنه عامٌّ في الكلب وغيرِه، قال: وخبرُنا خاصٌّ في السبع فيقضى به عليه.

قلت: وهذان الخبران ليس أحدُهما عامًا من كل وجه، والآخرُ خاصًا من كل وجه، حتى يقضى بالخاص منهما على العام، ولكنهما من قَبيل النصين اللذين كلُّ واحد منهما بالنسبة إلى الآخر عامٌّ من وجه وخاصٌّ من وجه.


(١) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>