للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقصاص مثلًا، أو عند مقاتلتهن (١).

وثالثها: أنه إن لم يُحمل النهيُ عن افتراش جلود السباع على العموم بالنسبة إلى المدبوغة وغيرِ المدبوغة، لم يصحَّ الاستدلالُ به على عدم طهارة جلد الكلب بالدباغ، وإذا كان عامًا بالنسبة إلى المدبوغ وغيرِه، فهو عامٌّ بالنسبة إلى الجلد المدبوغ، فيكون عامًا بالنسبة إلى كل جلد مدبوغ، فإذا حملناه على جلد الكلب فقط، أو على جلد الكلب والخنزير فقط، كان تنزيلًا للفظ العام على الصورة النادرة، وتنزيلُ الألفاظ العامة على الصور النادرة من غير تعدٍ إلى غيرها قد ردُّوه وأَبَوْه.

ألا ترى كيف ردُّوا على الحنفية تنزيلَ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "أيّما امرأةٍ نكحَتْ نفسَهَا بغيرِ إذنِ وليِّهَا، فنكاحُهَا باطلٌ" (٢) على المكاتبة، وأبطلُوا التأويلَ بأنه تنزيلُ اللفظ العام على الصورة النادرة، وعلى ما لا يجوز حملُ لفظِ الشارع؟

وكذلك ردُّ بعضِ أكابر الشافعية الاستدلالَ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "منْ ملكَ ذا رحمٍ محرَّم عتقَ عليهِ" (٣) على من حمله على الأصل والفرع


(١) انظر: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٩٨).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٤٨٩٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: لا نعلم أن أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة، وهو حديث منكر، وقال الترمذي (٣/ ٦٤٧): رواه ضمرة بن ربيعة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>