للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرَ بعضُهم فيه قيداً وأهمله الآخر، حملنا ذلك على زيادة العدل بالذي ذكر القيد في ذلك الحديث على الآخر الذي لم يذكر، فكأنه منطوق به في الرواية التي لم يذكر فيها، بخلاف ما إذا تعدد الحديثان باختلاف الرواية والمخارج.

الوجه الثاني: إن العمل بالعموم أو الإطلاق هاهنا متعذِّرٌ قطعاً، بخلاف ما ذكرتُ من المثال، وما هو في معناه؛ لأنا لو عملنا بالعموم أو الإطلاق لزم الإطفاء لكل مصباح أُوقِد في كل وقت، [و] يطلب من كل من أوقد مصباحاً أن يطفئه عقِب رقودهِ؛ لأنه مصباحٌ مُوقد حينئذ، وذلك باطل بالضرورة.

الوجه الثالث: النظر إلى المعنى المناسِب الذي دل عليه الحديث الآخر بلفظة، وهو الخوفُ من الإحراق بَجرِّ الفويسقةِ الفتيلةَ، مع عدم الفائدة في إطفاء كلِّ مصباح لا يتعلَّقُ بإيقاده مفسدة، وذلك يقتضي التخصيصَ بحالة الغفلة عن اعتبار حال المصباح، وهي حالة النوم، واتباعُ المعاني الظاهرةِ متعيِّنٌ.

الخامسة والأربعون: نشأ من هذا ذِكرُ قاعدة ينبغي أن يُوجَّه النَّظرُ إليها، وهي أنَّ اللفظ العام إذا عُلِّل الحكم فيه بعلة خاصة، هل مقتضى ذلك تخصيصه بِمحلِّ العلة عملاً بها، أو يقال بعمومه عملاً بمقتضى اللفظ (١)؟


(١) تقدم ذكر هذه القاعدة عند المؤلف رحمه الله في أكثر من موضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>