للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانه فيما نحن فيه: أَمْره - عليه السلام - بإطفاء المصابيح، أو المصباح، والتعليلُ بجر الفويسقة الفتيلة يقتضي التخصيص بما يمكن فيه ذلك، وأنه المراد بالعام، أو يقال: هو [على] عمومه، حتى إذا أُمن جرُّ الفتيلة تناوله الأمرُ بعمومه.

فإن قيل بالأول، جاء ما تقدَّم من زوال الحكم عند زوال العلة، وإن قيل بالثاني بقي الأمرُ متناولاً لحالة الأمن، إلا بدليلٍ من خارج يقتضي إخراجَ تلك الحالة.

وهذا غيرُ الذي تقدم من الأمر بإطفاء النار وما تكلمنا فيه.

السادسة والأربعون: قد حملنا قوله - عليه السلام - في هذا الحديث: "أطفئوا المصابيحَ" على حالة النوم بالحديث الآخر، وهو قوله: "إذا رقدتُم"، ويجب أن يُحمَل قولُه: "إذا رقدتم" على إرادة الرقود لا على نفس الرقود، وإطلاق الفعل على إرادة الفعل مجازٌ مشهور في كلام العرب، وقد حَمَلَ الأكثرون عليه قولَه تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨].

وخالف الظاهريُّ فيه، وحمله على نفس الفعل، وأن الاستعاذة بعد القراءة (١)، وهذا مستحيل في هذا اللفظ الذي نحن فيه، والله أعلم.

السابعة والأربعون: هذه الأوامر التي أوردت في هذا الحديث لم يحملها الأكثرون على الوجوب، وينبغي على مذهب الظاهرية


(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٣/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>