للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّاني: أن يكونَ من باب مجاز الحذف على أن يكون عند ملائكة الله تعالى، أو ما أشبهه (١)، إلَّا أنه يبعد؛ لأنه روي أن المَلَك يتأذى برائحة الفم (٢)، وأن السواك يُطْلب لذلك؛ إما مطلقًا، وإما عند الصَّلاة؛ أو كما جاء.

وإذا كان المَلَك يتأذى بذلك لم يصحَّ حَملُه عليه إلَّا أن يقال: هذا مخصوصٌ بخُلوفِ الصائم، والتأذي (٣) يكون بخُلوف غير الصائم (٤)، والله أعلم.


(١) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ١١٢).
(٢) كما تقدم تخريجه من حديث عليّ - رضي الله عنه -.
(٣) "ت": "والثاني".
(٤) قال أبو العباس القرطبي في "المفهم" (٣/ ٢١٥): لا يتوهم أن الله تعالى يستطيب الروائح ويستلذها، كما يقع لنا من اللذة والاستطابة، إذ ذاك من صفات افتقارنا، واستكمال نقصنا، وهو الغني بذاته، الكامل بجلاله وتقدُّسه، على أنا نقول: إن الله تعالى يدرك المدركات، ويبصر المبصرات، ويسمع المسموعات على الوجه اللائق بجماله وكماله وتقدسه عن شبه مخلوقاته، وإنَّما معنى الأطيبية عند الله تعالى راجعة إلى أن الله تعالى يثيب على خلوف فم الصائم ثواباً أكثر ممَّا يثيب على استعمال روائح المسك، حيث ندب الشرع إلى استعماله فيها؛ كالجُمع والأعياد وغير ذلك، انتهى.
وهذا الذي رجحه الإمام النووي في "شرح مسلم" (٨/ ٣٠). قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٠٦): وحاصله حمل معنى الطيب على القبول والرضا. قال الإمام المحقق ابن القيِّم رحمه الله في "الوابل الصيب" (ص: ٤٣) وما بعدها: وقد اختلف في وجود هذه الرائحة من الصائم، هل هي في الدُّنيا أو في الآخرة؟ على قولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>