للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثَّاني صفاته وأخلاقه

قال ابن سيِّد الناس: ولم يزل حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه، وقف نفسَه على العلوم وقَصَرَها، ولو شاء العادُّ أن يَعُدَّ كلماتهِ لحصرها، وله مع ذلك في الأدب باع وِساع، وكرم طباع، لم يخلُ بعضُها من حسن انطباع، حتى لقد كان محمودُ الكاتب، المحمود في تلك المذاهب، المشهود له بالتقدم فيما يشاء من الإنشاء على أهل المشارق والمغارب، يقول: "لم تر عيني آدبَ منه" (١).

وكان يقول رحمه الله: "ما تكلَّمتُ كلمةً، ولا فعلتُ فعلاً، إلا وأعددت له جواباً بين يدي الله عز وجل" (٢).

وكان - رحمه الله - يسهر ليله في العلم والعبادة؛ قرأ الشيخ ليلة، فقرأ إلى قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١]، فما زال يكررها إلى مطلع الفجر (٣).

وقال الصاحب شرف الدين محمد بن الصاحب زين الدين أحمد: كان ابن دقيق يقيم في منزلنا بمصر في غالب الأوقات، فكنَّا


(١) انظر: "الطالع السعيد" للأدفوي (ص: ٥٧٠).
(٢) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي (٩/ ٢١٢).
(٣) انظر: "الطالع السعيد" (ص: ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>