للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبِاتًا} [نوح: ١٧] وشبهه: أصلُ هذا: والله أنبتكم من الأرض إنباتاً، فنبتُّم نباتاً، فحذف مصدرَ الأول؛ لدلالة فعله عليه، والفعلَ الثاني؛ لدلالة مصدره عليه، وكذلك قوله تعالى: {وَيُرِيد الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَلًا بَعِيدًا} (١) [النساء: ٦٠]، ففعل فيه ما ذكرت لك.

وهذا كحذف ظرفي الزمان والمكان لدلالة مثلهما عليهما لإرشاد (٢) المعنى ذلك؛ [نحو] (٣) قوله صلى الله عليه وسلم: "لخُلوفُ فمِ الصائمِ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ أطيبُ من ريحِ المسكِ"؛ المعنى: أطيب من ريح المسك عندكم في الدنيا؛ لأنَّ المعنى تفضيلُ ريح الخلوف في يوم القيامة في الطيب على ريح مسك أهل الدنيا عندهم، لا على مسك الجنة، فالله أعلم (٤) أيهما أطيب، وليس في الحديث تعرُّضٌ إلى مسك الآخرة؛ لأن أهل الدنيا لا يعهدونه، ولا تصلح (٥) المشاركة في (أَفْعل) التفضيل إلا بين أمرين معهودين عند المخاطب؛ لئلا يخلوَ من كمال الفائدة أو منها، فإذن الألف واللام في "المسك" للعهد لا للجنس؛ لأن مسك الجنة يطلق عليه اسم مسك، وليس (٦) مراداً بلفظ الحديث.


(١) "ت": "فيضلون ضلالاً بعيداً".
(٢) في الأصل: "بإرشاد"، والمثبت من "ت".
(٣) زيادة من "ت".
(٤) في الأصل: "فاعلم"، والتصويب من "ت".
(٥) "ت": "تصح".
(٦) في الأصل: "فليس"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>