للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدتَ العلاقة بعيدة، وقد ذكرنا: أنَّ ذلك موجبٌ لضعف المجاز من حيث هو هو؛ لأن البعد يعسر على الذهن الانتقال من محل الحقيقة إلى محل التجوز، وبالعكس في القرب، لكن الذي حسَّن هذا أنه لما قال:

صَارَ الثَّرِيدُ في رؤوسِ العِيدَان

أخبر بأمر يبطلُه الحسُّ، فتشوَّفت (١) النفسُ إلى وجه ما حكم به، فإذا ظفرت به، أدركته إدراك المتكسبِ الظافرِ بمطلوبه، فالتذت به.

وإذا نظرت إلى قول الآخر [من الطويل]:

وقالَ الوليدُ النَّبْعُ ليسَ بمُثْمرٍ ... وأخطأَ سربُ الوحشِ من ثمرِ النَّبعِ

ومعناه: أن (٢) النبعَ يُعمل منه القَسِي، ويُرمى عنها، فتؤخذ سربُ الوحش، فتكون ثمرًا للنبع بهذا الاعتبار، ونظرت فيه محلاً للقَبول، لكنه ناقصٌ عن درجة:

صَارَ الثَّرِيدُ في رؤوسِ العِيدَان

والسبب فيه: أن الذاتَ التي (٣) صارت ثريدًا في رؤوس العيدان


(١) "ت": "تشوفت".
(٢) "ت": "فإن".
(٣) في الأصل: "الذي"، والتصويب من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>