للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموعود به من الثواب عند لقاء الله تعالى؛ لاقترانه بالمحقَّق حسًا ووجودًا؛ بمعنى: أن الفرح بلقاء الله تعالى محقَّقُ الوقوع في الآخرة؛ كقرينهِ من الفرح عند الفطر في الدنيا حسًا ووجودًا.

السابعة والعشرون: هاهنا طريقة أدبية تُمتحن بها الأذهان، وهو أن يُطلبَ الجمعُ بين شيئين يبعد الجمع بينهما في الذهن، فيمكن أن يقال هاهنا على هذه الطريقة: في أي شيء يجتمع قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [القصص: ٤٤، ٤٥] وبين قوله - عليه السلام -: "فإنْ سابَّهُ أحدٌ، أو قاتلَهُ، فليقلْ: إني صائمٌ"؟

فيجاب عنه: بأنهما يشتركان في إقامة السبب مقامَ المسبب. بيانُهُ: أن طولَ العمرِ للقرون سببٌ لعدم علمهم بما كان، وعدمُ علمهم [سببٌ] (١) للإيحاء (٢) إليك بما كان؛ للمصالح المتعلقة بذلك الوحي، وسببُ السببِ سببٌ، فيكون طولُ العمر سببًا للإيحاء، فكان الأصل في هذا الكلام: وما كنت بجانب الغربي، فأوحينا إليك بما كان، فوضع (تطاولَ العمر بالقرون) الذي قررناه أنه سبب الوحي (٣) موضعَ (أوحينا إليك).

وكذلك في الحديث: "فإنْ سابَّهُ أحدٌ، أو قاتلَهُ، فليقلْ: إنِّي


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "الإيحاء".
(٣) "ت": "للوحي".

<<  <  ج: ص:  >  >>