للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نراه في الليل إمَّا مصلياً، وإما يمشي في جوانب البيت، وهو مفكر إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر صلى الصبح، ثم اضطجع إلى ضحوة.

قال الصاحب: وسمعت الشيخ الإمام شهاب الدين القَرافي المالكي يقول: أقام الشيخ تقي الدين أربعين سنة لا ينام الليل، إلا أنه كان إذا صلى الصبح اضطجع على جنبه إلى حيث يتضحَّى النَّهار (١).

وكان - رحمه الله - عديمَ البطش، قليلَ المقايلة على الإساءة، وله في ذلك أخبار.

وكان يحاسب نفسَه على الكلام، ويأخذ عليها بالمَلاَم، لكنه تولى القضاء في آخر عمره، وذاق من حلوِّه ومُرِّه، على أنه عزل نفسه مرةً بعد مرة، وتنصَّل منه كَرَّة بعد كرة.

وله في القضاء آثار حسنة، منها انتزاعُ أوقافٍ كانت أُخذت وأقتُطِعت، ومنها أن القضاة كان يُخْلَع عليهم الحرير، فخُلِع على الشيخ الصوف فاستمر، وكان يكتب إلى النواب يُذكِّرهم ويحذِّرهم (٢).

وكان - رحمه الله - كريماً جواداً سخياً، ومن طريف ما يحكى في ذلك: ما ذكره محمد بن الحواسيني الفَرضِي القوصي، وكان من طلبة


(١) انظر: "الدرر الكامنة" لابن حجر (٥/ ٣٥١).
(٢) انظر: "الطالع السعيد" (ص: ٥٩٦ - ٥٩٧)، و"رفع الإصر" لابن حجر (ص: ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>