للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي يوسفَ القولُ بدلالة الاقتران، وعلى هذا يُستدَلُّ له في مسألة الماء المستعمل بالحديث: "ولا يَبولنَّ أحدُكم في الماءِ الدائمِ ولا يغتسلُ فيهِ منَ الجنابَةِ" (١)، والبول فيه يفسده، فكذلك الغسل (٢)، والله أعلم.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "الإحكام" للآمدي (٢/ ٢٣٠)، و"البحر المحيط" للزركشي (٨/ ١٠٩). قال الإِمام المحقق ابن القيم رحمه الله: دلالة الاقتران تظهر قوتها في موطن، وضعفها في موطن، وتساوي الأمرين في موطن، فإذا جمع المقترنين لفظٌ اشتركا في إطلاقه، وافترقا في تفصيله، قويت الدلالة؛ كقوله: "الفطرة خمس"، وفي مسلم: "عشر من الفطرة"، ثم فصلها، فإذا جعلت الفطرة بمعنى السنة، والسنة هي المقابلة للواجب، ضعف الاستدلال بالحديث على وجوب الختان، لكن تلك المقدمتان ممنوعتان، فليست الفطرة بمرادفة للسنة، ولا السنة في لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - هي المقابلة للواجب، بل ذلك اصطلاح وضعي لا يحمل عليه كلام الشارع.
ومن ذلك قوله: "على كل مسلم أن يغتسل يوم الجمعة ويستاك ويمس من طيب بيته" فقد اشترك الثلاثة في إطلاق لفظ الحق عليه، إذا كان حقا مستحبا في اثنين منهما، كان في الثالث مستحبا.
وأبين من هذا قوله: "وبالغ في الاستنشاق" فإن اللفظ تضمن الاستنشاق والمبالغة، فإذا كان أحدهما مستحبا، فالآخر كذلك.
ولقائل أن يقول: اشتراك المستحب والمفروض في لفظ عام لا يقتضي تساويهما لا لغةً ولا عرفاً، فإنهما إذا اشتركا في شيء لم يمتنع افتراقهما في شيء، فإن المختلفات تشترك في لازم واحد، فيشتركان في أمر عام، ويفترقان بخواصهما، فالاقتران كما لا يثبت لأحدهما خاصية، لا ينفيها عنه، فتأمله. وإنما يثبت لهما الاشتراك في أمر عام فقط. =

<<  <  ج: ص:  >  >>